مستخدمين عندي أو عند سواي ، إلى أن يسرقوا باستمرار ، وكل بغّالي بلادنا قد اعتادوا ذلك منذ نعومة اظفارهم. ولهذا نتغاضى عن سرقاتهم. وليحتمل نتائج غفلته من يجهل طرائقهم!.
وتقدم هذه الولاية لملك تلمسان حوالي خمسة وعشرين ألف دينار ، وتقدم له العدد نفسه من المحاربين ، بين فرسان ومشاة.
مدينة البطحة
كانت البطحة مدينة كبيرة عريقة الحضارة وكثيرة السكان. وقد بناها الأفارقة في أيامنا(٦٨).
وتقع هذه المدينة في سهل فسيح ينمو فيه القمح بوفرة وتقدم للملك إتاوة تبلغ حوالي عشرين ألف دينار. ولكنها تخربت في الحروب التي وقعت بين ملوك تلمسان وبعض أقاربهم الذين كانوا يسكنون جبل الونشريس. وبما أن الأخيرين كانوا يتلقون معونة ملك فاس ، فقد استطاعوا أن يحتلوا رقعة كبيرة من مملكة تلمسان وأحرقوا وخربوا البلدان التي لم يستطيعوا الاحتفاظ بها (٦٩). ونتج عن ذلك أنه لا يرى اليوم شيء من البطحة سوى أساسات البيوت. وهناك نهر صغير ضئيل الأهمية (٧٠) يجري قرب المكان
__________________
(٦٨) تعني كلمة بطحة دلتا نهر عريضة فوق قاع من الحصباء. وكانت المدينة المذكورة موجودة عند ما توقف فيها محمد بن تومرت حوالي العام ١١١٩ م بصحبة تلامذته ، ومنهم الشاب عبد المؤمن ، وقد توقف فيها لمدة ثلاثة أيام لدى مضيف كريم وهذا في أثناء رحلته من ملالة قرب بجاية إلى فاس. وفي عام ١١٦٠ م عند ما أصبح عبد المؤمن خليفة وسّع هذه المدينة وعمرها بالسكان في أثناء عودته من حملة على افريقيا ، أي شمالي تونس وإذا كان موقع البطحة مجهولا فإنه بالتأكيد يقع على الطريق الكبيرة بين تلمسان ومدينة الجزائر وعلى الأرجح فوق الضفة اليسرى لنهر المينا ، بجوار ايغيل ايزّان ، أو تل الذباب بالبربرية. ومن هذا جاء اسم مدينة روليزان الحالية ، وهي مدينة مبنية في أسفل تل ، غير بعيد عن ضفة النهر اليسرى. وقد اعتبرت بعض الأطلال ، على الضفة اليسرى ، قرب الطريق والخط الحديدي ، كأنها رومانية. وربما كانت هذه تنسب لبقايا آثار البطحة.
(٦٩) وهم بنو توجين ، وهي قبيلة زناتية معادية لبني عبد الواد في تلمسان ، وبالتالي حليفة لبني مرين في فاس ، وقد احتلوا سفح جبل الونشريس الذي يدعى اليوم الورسنيس واحتلوا الجبل نفسه حتى بلدة الميدية. ولا نعرف تاريخ تخريب البطحة ولكن من المحتمل أن ذلك حدّث في بداية القرن الرابع عشر عند ما أصبح السلطان المريني أبو الحسن سيد مملكة تلمسان بعد استيلائه على العاصمة وموت السلطان الزياني أبي تاشفين عبد الرحمن بتاريخ ٢٩ نيسان (ابريل) ١٣٣٧ م ، حيث تذكر البطحة في قائمة المواقع المفتوحة ولكنها لا تذكر على أنها مدينة. وظل اسمها يتردد حتى نهاية القرن الرابع عشر في معرض الكلام عن الحملات العسكرية.
(٧٠) وادي المينا.