أرانى بعض كتب السحر والكيمياء. وقد كان يريد أن يبرهن لي أن السحر هو علم ، حتى لقد كدت أحسبه ساحرا وسبب هذا هو كثرة ما رأيت من أمر تبجيله وتشريفه دون أن يفعل أو يقول أو يبتكر شيئا سوى الابتهال إلى الله بالاسماء التي أشار إليها (٧٢).
مدينة وهران
وهران مدينة كبيرة تضم حوالي ستة آلاف أسرة. وقد أسسها قدماء الأفارقة (٧٣) على ساحل البحر المتوسط على مسافة مائة واربعين ميلا من تلمسان (٧٤). وهي مجهزة بكل العمارات والمؤسسات التي تميز مدينة حضرية كالجوامع والمدارس والمارستانات والحمامات والفنادق. وهي محاطة بأسوار عالية وجميلة. ويقع قسم من هذه المدينة في السهل ، والقسم الآخر فوق موقع جبلي مرتفع كثيرا. وكانت أكثرية سكانها من الصنّاع والحاكة. وكان كثير من أهلها يعتاشون من مواردهم ، ولكنها لم تكن مدينة يسود فيها الرخاء لأن الناس لا يأكلون فيها غير خبز الشعير. ومهما كان عليه الأمر فإن أهلها كانوا لطفاء ، مرحّبين بالغرباء وبأصدقائهم. وكانت وهران مقصودة كثيرا من التجار القطالونيين والجنويين. ولا زال فيها بيت يدعى بيت الجنويين لأن هؤلاء كانوا يسكنون فيه. وقد كان أهل وهران أعداء ملك تلمسان على الدوام. ولم يحبوا مطلقا أن يتحملوا وجود أي من حكامه فيها. فلم يقبلوا وجود أحد منهم غير خازن مال ومكّاس لتحصيل عوائد الميناء. وكان السكان ينتخبون رئيس مجلس يهتم بالقضايا المدنية والجنائية. وكان التجار في الماضي يجهزون دائما مراكب وسفنا صغيرة مسلّحة يمارسون عليها القرصنة فكانوا يغزون سواحل قطالونيا وجزر ايبيزا ، مينورقة ومايورقة ؛ حتى لقد كانت المدينة تغص برقيق النصارى.
ولكن فرنان ملك أسبانيا ارسل أسطولا كبيرا لشن حرب على سكان وهران لاستخلاص النصارى من بلاء شديد الخطورة يتكرر بكثرة. ولكن هذا الأسطول هزم بسبب عدة أخطاء في المناورة.
__________________
(٧٢) كتب مارمول أن هذا الشيخ كان يدعى سيدي سنا (لعله سناء) ، وأن أراضيه كانت تدعى سهول سنا ، حتى إن المجرى الأدنى لوادي المينا كانت يحمل اسم واد سنا ، ولم يبق أثر لهذا الشيخ ولا لطريقته في المنطقة.
(٧٣) أسست عام ٩٠٣ م على أيدي الاندلسيين.
(٧٤) أي ٢٢٤ كم والحقيقة هي ١٧٤ كم على الطريق الحالي.