وبعد عدة أشهر جمع الملك أسطولا أكبر حجما بالاستعانة ببعض المطارنة وبكار دينال أسبانيا (٧٥). فاحتل هذه المدينة في يوم واحد لأن السكان خرجوا بلا نظام كي يذهبوا لساحة المعركة ، تاركين المدينة خالية. وعرف الأسبان ذلك فأرسلوا قسما من قواتهم إلى الجانب الآخر من وهران. ولم يجدوا من خصومهم سوى النساء اللواتي صعدن على الأسوار. فدخلوا المدينة بسهولة بينما كانت المعركة على أشدها في الخارج. وخرجوا منها بغتة ليرموا بأنفسهم على ظهر عدوهم أي اهل المدينة. وما أن أخذ المسلمون بالتقهقر باتجاه المدينة ليطردوا من تسلل اليها من الأسبان حتى رأوا فوق أسوارها الرايات النصرانية وهي ترفرف فوقها. وهكذا وقعوا محاصرين بين فرقتين من الأسبان فلم ينج منهم سوى القليل على قيد الحياة. واحتل الأسبان وهران ، عام ٩١٦ هجرية (٧٦).
المرسى الكبير
وهي مدينة صغيرة أسسها ملوك تلمسان في زمننا على شاطىء البحر المتوسط على مسافة بضعة أميال من وهران. ومعنى اسمها الميناء الكبير ، إذ يوجد هناك ميناء لا اعتقد أن له مثيلا في العالم قاطبة ، إذ تستطيع مائة سفينة ومركب أن ترسو فيه بكل راحة ، في مأمن من كل عاصفة ، أو أية زوبعة. وكان من عادة سفن البندقية التي تلجأ إليه في حالة هياج البحر أن ترسل بضائعها إلى وهران بواسطة القوارب. وعند ما يكون الطقس صحوا كانت تذهب بالفعل مباشرة إلى ساحل وهران. وقد سقطت هذه المدينة بقوة السلاح بأيدي الأسبان قبل سقوط وهران ببضعة أشهر (٧٧).
مازاغران
مازاغران مدينة صغيرة بناها الأفارقة على ساحل البحر الأبيض المتوسط. وبالقرب منها يصب نهر الشلف في البحر (٧٨). وهي مدينة كثيرة السكان ومعتنى بها.
__________________
(٧٥) هو فرنسيسكو كسيمينس المحرض الأول على محاكم التفتيش الشهيرة ببطشها وبإرهابها ضد المسلمين» (المترجم)
(٧٦) سقطت وهران غداة عيد الصعود عند النصارى ، أي يوم الجمعة ١٨ أيار (مايو) ١٥٠٩ م / محرم ٩١٥ ه.
(٧٧) تم الاستيلاء على المرسى الكبير بواسطة أسطول قشتالي يقوده الدون دييغو دو قرطبة في عام ١٥٠٦ م في تاريخ غير متفق عليه ، والمرجح أنه كان في شهر أيار (مايو).
(٧٨) الحقيقة تقع مازاغران على مسافة ٢ كم شرقي الساحل وعلى مسافة ١٨ كم من مصب نهر الشلف.