مدينة القالة
القالة مدينة كبيرة بناها كذلك الرومان على حافة البحر المتوسط ، عند حضيض جبل عال جدا. وليس لهذه المدينة في الوقت الحاضر أسوار. فقد هدم أسوارها القوط (٢٠) ، وقد تركها المسلمون الذين حكموها من بعدهم ، على الحالة التي وجدوها عليها. مع ذلك فهي مدينة آمنة ، مليئة بالصناع ، وسكانها أناس لطفاء وكرماء. وهم يقومون بتجارة طيبة لأنهم يستمدون من جبلهم الكثير من الشمع ، ولديهم كمية كبيرة من الجلود. ويقايضون هذه المنتجات بالسلع التي يجلبها الجنويون الذين يترددون على مينائهم. واراضيهم الزراعية منتجة ، ولكنها واقعة في الجبل. ويعيش السكان في حرية : وقد كانت دائما في حماية ملك تونس ومن أمير قسنطينة ، لأن المسافة بين قسنطينة وبين القالة تبلغ مائة وعشرين ميلا (٢١). ونصف اراضي كورة القالة مؤلفة من جبال يسكنها رجال بواسل جدا.
ولا يوجد على ساحل مملكة تونس مدينة اكثر غنى من هذه المدينة. فهي تربح من تجارتها مع الجنويين (اهل جنوة) ضعف قيمة ما تعطيه اياهم. ثم تبيع بالمفرّق (٢٢) في الجبال المجاورة البضائع التي جلبها الجنويون وتجنى من ذلك كسبا ضخما.
سكيكدة (٢٣)
وهي مدينة قديمة جدا ، بناها الرومان على ساحل البحر ، على مسافة خمسة وثلاثين ميلا من قسنطينة (٢٤). وقد خربها القوط في الماضي (٢٥). ولكن نظرا لوجود ميناء
__________________
(٢٠) أي الفندال.
(٢١) في الحقيقة ٨٠ ميلا او ١٢٨ كم.
(٢٢) او القطاعي.
(٢٣) «وقد سماها الفرنسيون فيليبفيل في اثناء فترة استعمارهم القطر الجزائري تخليدا لذكرى الملك لويس فيليب الذي كان على رأس البلاد عند الفتح» (المترجم).
(٢٤) اسم المدنية الرومانية روز يكاد ، وقد تحولت الى سكيكدة عند العرب ، وتقع على مسافة ٥٤ ميلا او ٨٧ كم من قسنطينة.
(٢٥) الفندال.