سيما الذين يعملون في نسج أقمشة الصوف الذي تصنع منه أغطية السرائر. ويوجد في ساحتها عين بديعة يستخدم ماؤها في حاجات سكان المدينة. وهؤلاء السكان أناس بواسل ، ولكن مع فهم سقيم.
والمنطقة ذات إنتاج غزير من التفاح والكمثرى والثمار الأخرى. وأظن أن اسم هذه المدينة مشتق من كلمة لاتينية هي ميتا ، أي التفاح (٤٢) ، ويكثر فيها كذلك القمح.
ومن عادة أمير قسنطينة أن يرسل لهذه المدينة حاكما مهمته تحقيق العدالة فيها وجباية الضرائب المخصصة له. ويمكن تحصيل مبلغ أربعة آلاف دينار تقريبا من ميله. ولكن في الغالب يثور سكان هذه المدينة على هؤلاء الحكام ويقتلونهم منقادين في ذلك الى نزعة العنف المتأصلة فيهم.
مدينة عنابة
عنابة مدينة (٤٣) قديمة بناها الرومان على ساحل البحر المتوسط على مسافة مائة وعشرين ميلا نحو الشرق (٤٤). وكانت تدعى في القديم اوربونه. وهنا كان القديس أوغسطين أسقفا. وكانت تحت سلطة القوط (٤٥) ولكن الخليفة عثمان استولى عليها ، وهو ثالث خليفة بعد محمد صلّى الله عليه وسلّم فخربها وتركت مهجورة بعد أن استحوذ على الغنائم وأحرقها (٤٦).
وشيدت بعد ذلك مدينة أخرى تبعد عن السابقة مسافة ميلين تقريبا. وقد بنيت بحجارة المدينة القديمة. وأكثرية الناس تسمى هذه المدينة الجديدة بلد العناب ، أي مدينة ثمر العناب ، بسبب كثرة هذه الثمار في هذه البقعة. وتجفف ثمار العناب كي
__________________
(٤٢) اشتقاق متكلف ، لأن اسم بلدة «ميتا» اللاتيني كان ميلو أو ميليئو ، وهي كلمة بربرية يقينا.
(٤٣) أو بونه أو هيبونه.
(٤٤) تعادل المسافة المذكورة ١٩٢ كم بالنسبة لقسنطينة.
(٤٥) أي الفندال.
(٤٦) تقع خلافة عثمان بين ٦٤٤ و ٦٥٦ م. ولا نزال نجهل تاريخ سقوط هيبونه ولكن المؤلف سيقول نفسه إن رومان قرطاج قد التجأوا إليها بعد سقوط مدينتهم وخرابها ، وقد حدث ذلك عام ٦٩٣ ه.
«أضف إلى هذا أن الخليفة عثمان لم يفتحها شخصيا كما يذكر المؤلف إذ لم يكن على رأس الجيش مطلقا» (المترجم).