وتقع على مسافة أربع وثلاثين ميلا من تونس (٧٢). ولا تزال أسوارها قائمة ، وهي مبنية بحجارة كبيرة منحوتة. ولكن المدينة تخربت على أيدي العرب ، وأريافها غير مزروعة ، بسبب عجز ملوك تونس من ناحية وبسبب كسل السكان الذين يملكون اراض بمثل هذه الخصوبة ، وفي متناول أيديهم ، ويستسلمون للموت جوعا من ناحية أخرى.
قصر خيرس
هو قصر شيد في العصر الحديث على نهر المجردة ، على مسافة ثمانية أميال من تونس. وتحيط بهذا القصر أراض زراعية ممتازة وتوجد بجواره غابة كبيرة من الزيتون. وقد تحول إلى خرائب بفعل بعض العرب الذين يسمون بني علي ، وهم في حالة تمرد دائم ضد ملك تونس ، ولا يعيشون إلا من السلب والاغتيال والابتزاز من الفلاحين البؤساء الذين تزيد ضرائبهم الباهظة زيادة كبيرة عن الضرائب المألوفة (٧٣).
بنزرت
بنسرت أو بنزرت ، كما نقول ، هي مدينة قديمة بناها الأفارقة على ساحل البحر المتوسط ، على مسافة خمسة وثلاثين ميلا من تونس (٧٤). وهي صغيرة يسكنها أناس فقراء ويدخل البحر بالقرب من المدينة إلى داخل الأراضي من خلال ممر ضيق وقصير ويزداد عرضا في الجنوب فيشكل نوعا من بحيرة كبيرة تقوم حولها قرى عديدة يسكنها العديد من الصيادين والفلاحين ، إذ يمتد غرب البحيرة سهل كبير يدعى سهل ماطر. وهذا السهل خصيب للغاية ، ولكنه ينوء تحت وطأة ضرائب ثقيلة يفرضها ملك تونس وكذلك العرب. وتصاد من البحيرة كمية كبيرة من الأسماك ولا سيما أسماك المرجان
__________________
(٧٢) ٥٤ كم ، وهي مسافة تكاد تكون صحيحة بين تونس وهنشير القصبات ، وفيها أطلال ثوبور بوماجوس ، قرب جسر الفحص.
(٧٣) لم يمكن تشخيص هذا الموقع ، كما يستحيل تحديد اسمه. وهناك مذكرة أسبانية كتبت في عام ١٥٣٦ م عن قبائل عرب المنطقة تقول إن أولاد علي ، وهم فخذ من خمسمائة مقاتل من قبيلة أولاد شيفة ، كانوا يسكنون بين باجه والأربص ، وهي أرض كبيرة فيها ٢٠٠٠ بيت جنوبي باجة.
(٧٤) في الحقيقة ٦٤ كم.