الكبيرة التي تزن الواحدة منها ما بين خمسة وستة أرطال (٧٥). وبعد أنقضاء شهر تشرين الأول (أكتوبر) يصاد نوع من سمك يسميه الأفارقة الزرافة ، وأظن أن هذا هو ما يسمى في روما بإسم سمك لكشيا (٧٦). ويعود هذا إلى أن مياه البحيرة تصبح بفضل الأمطار أقل ملوحة ، فيدخل السمك عندئذ إلى البحيرة ، أضف إلى ذلك أن البحيرة ليست عميقة. ويستمر الصيد حتى بداية شهر أيار (مايو) ، ثم يهاجر السمك ، كما يهاجر السمك الذي يصاد من النهر الذي يمر قرب فاس.
المدينة الكبيرة : قرطاجين (٧٧)
وهي ، كما هو مشهور ، مدينة قديمة. يذهب بعضهم إلى أن مؤسسها هو شعب قدم من سورية ، ويؤكد آخرون أن بناتها جاءوا من أرمينيا ، وأنهم اجتازوا بحر الموره ، وأنهم توقفوا في هذه المنطقة ، وبنوا فيها هذه المدينة. ويقول المؤرخ ابن رقيق أنها تأسست على يد قوم جاءوا من برقه ، وكان قد سبق أن أجلاهم ملك مصر عن مملكته ٤١٣ لخلاصة لا يعرف أي مؤلف من الأفارقة ولا يجزم بحقيقة هذا الموضوع. ومن جهة أخرى لم يقم مؤرخو الأفارقة ولا جغرافيوهم مثل ابن فشيد (٧٨) والشريف (٧٩) بإعطاء أية إشارة عن هذه المدينة ، اللهم إلا بعد سقوط الامبراطورية الرومانية. وفي ذلك العصر كان كل الحكام ونواب الامبراطور الذين كانوا في إفريقيا ، كانوا فيها عبارة عن أشباه ملوك مستقلين في مناطقهم المختلفة. ولكن القوط (٨٠) انتزعوا منهم السلطة. وعندما قدم المسلمون إلى أفريقيا واحتلوا طرابلس وبلاد البربر وقابس ، خرج سكان هاتين المدينتين وجاءوا ليسكنوا قرطاج التي اجتمع فيها نبلاء الرومان والقوط. وتحالفوا للدفاع عن أنفسهم ضد الجيوش الإسلامية. ولكن هرب الرومان إلى عنابة بعد معارك عديدة وهجر القوط قرطاج التي نهبت وأحرقت (٨١).
__________________
(٧٥) من ٢ إلى ٥ ، ٢ كجم.
(٧٦) ويسمى بالفرنسية سمك آلوزAlose.
(٧٧) قرطاجنة ، قرطاج ، قرطاجة.
(٧٨) وربما ابن رقيق نفسه.
(٧٩) الشريف الإدريسي الشهير (١١٥٤ م).
(٨٠) الفندال.
(٨١) حوالي العام ٦٩٤ م.