في أرجلهم نعالا من القصب البحري. وأكثرية هؤلاء السكان حاكة أو صيادون. ويقتاتون بخبز الشعير أو بهذا البازين المخلوط بالزيت الذي تكلمنا عنه من قبل ، كما يصنعه كل أهل مدن الساحل ، إذ لا ينبت هنا غير الشعير. وفي هذه المناسبة إليكم ما حدث لي بينما كنت أسافر على ظهر سفينة بصحبة سفير أصله من هذه البلدة وكان يقصد تركيا. ولما كنا نتكلم في مواضيع مختلفة ، فقد تطرّق الحديث الى أن ذكر لي أن الملك خصص له معاشا يتألف من عدد من الدنانير وأربعة وعشرين كيلا من الشعير في العام. ولما لم تكن لديّ أية خبرة عن هذه البلاد ، قلت له : «إذن لديك بضعة خيول؟» فأجابني بالنفي ، فرددت عليه بقولي : «إذن ما ذا تصنع بكل هذا القدر من الشعير؟». فرأيته وقد احمرّ وجهه وفهمت أنه يريد أن يقول أنه يأكله. وقد امتعضت من نفسي لأنني طرحت عليه مثل هذا السؤال الذي خطر ببالي ، لأنني كنت أفكر بأن الفقراء وحدهم هم الذين يأكلون الشعير.
ويوجد في خارج المنستير عدد كبير من الملكيات الزراعية المغروسة بالأشجار المثمرة كالمشمش والتين والتفاح والرمان وبعدد لا يحصى من أشجار الزيتون. غير أن الملك يحمّل المدينة من الضرائب ما يفوق طاقتها.
طبلبة
طبلبة مدينة قديمة من بناء الرومان ، على البحر المتوسط على مسافة اثني عشر ميلا من المنستير (١٣١). وقد كانت في وقت ما كثيرة السكان ، وكانت أراضيها تنتج الكثير جدا من الزيتون. ولكن كل أراضيها أصبحت الآن مهجورة بسبب غزوات العرب. ولم يبق الآن سوى القليل من البيوت في طبلبة ، وهي مسكونة بأنواع من المتعبدين الذين لهم مسكن كبير يقوم بوظيفة مارستان لسكنى الغرباء. ويقصد بعض العرب أيضا هذه المدينة ولكن بدون أن يسببوا أي إزعاج للناس.
مدينة المهدية
المهدية مدينة بنيت في زمننا (١٣٢) بمسعى من المهدي ، الشيعي ، أول خليفة في
__________________
(١٣١) تقع طبلبة على مسافة ٢ كيلومتر عن ساحل البحر و ٢٢ كم جنوب شرق المنستير.
(١٣٢) يقصد المؤلف بعبارة زمننا ، أو الأزمنة الحديثة ، كل الحقبة التالية لفتح المسلمين افريقيا.