المسلمون واحتلوها في عهد عمر ، الخليفة الثاني ، وقد حوصر الدوق القوطي فيها خلال ستة أشهر واضطر الى الفرار الى قرطاج. فتعرضت المدينة للنهب وقتل سكانها او اقتيدوا أسرى الى مصر والى شبه جزيرة العرب ، وذلك استنادا الى ما يرويه المؤرخ ابن رقيق (١٨٢).
طرابلس بلاد البربر
بنيت طرابلس على أيدي الأفارقة على اثر خراب طرابلس القديمة (١٨٣) وهي مطوّقة بأسوار عالية جميلة ، ولكنها ليست قوية كثيرا. وتقع في سهل رملي مزروع بالعديد من النخيل. وبيوتها جميلة بالقياس الى بيوت تونس ، وأسواقها منسقة ، مع انفصال في جماعات المهن ، ولا سيما فيما يختص بالحاكة. وليس فيها موارد ماء ، ولا آبار ، ولا شيء سوى الخزانات ، وندرة الحبوب فيها شديدة لأن كل أريافها عبارة عن رمل ، مثل أرياف نوميديا. والسبب في ذلك أن البحر المتوسط يتوغل في هذه المناطق بعيدا نحو الجنوب ، حتى إن الأمكنة التي كان يجب أن تكون قديما (١٨٤) سميكة وخصيبة ، أصبحت مغطاة بالمياه. ويقول سكان هذه البلاد انه كانت في قديم الزمن رقعة كبيرة من الأراضي تتقدم بعيدا كثيرا في اتجاه الشمال ، ولكن تغطت مع توالي العصور بالمياه بسبب توغل البحر المستمر وانتقاصه الأرض من أطرافها ، كما يظهر الآن فوق سواحل المنستير والمهدية وصفاقس وقابس وجزيرة جربة والمدن الأخرى الواقعة الى الشرق حيث لا يكون البحر عميقا ، حتى ليستطيع الشخص أن يدخل فيه ، ولا يصل الماء إلى أكثر من سرته. فهم يقولون ان هذه الأمكنة كانت أرضا ثم غطاها البحر منذ زمن سحيق. ويقولون فيما يتعلق بطرابلس التي نتحدث عنها إن المدينة كانت تمتد لأكثر من
__________________
(١٨٢) لقد ضاع كتاب ابن رقيق مع الاسف ، ولكن من المؤكد ان المؤلف يقع هنا في ارتباك ، فطرابلس هي التي حاصرها عمرو بن العاص سنة ٦٤٢ م. وبعد سقوط طرابلس دخلت فصيلة من قوات عمرو الى صبراته بدون قتال.
(١٨٣) كانت المستعمرة الرومانية أويا ، ومستعمرة صبراته ، ومستعمرة لبتس ، كانت هذه البلاد تؤلف في القديم منطقة اتخذت اسما يونانيا هو تريبوليس ، اي المدن الثلاث ، وظل هذا الاسم للعاصمة أويا ، ثم حرّف الى أطرابلس عند العرت. وتريبولي في اللغات الرومانية. [أي اللغات المنشعبة عن اللاتينيةLes Langues Romanes ـ المراجع].
(١٨٤) صفحة ٨٥ من مخطوط الحسن الوزاني ، وهي الصفحة الواقعة عند هذه الجملة من المخطوط ، مفقودة ، وقد اثبتنا هنا ما تحويه هذه الصفحة استنادا الى ما يقابلها من ترجمة تامبورال ، وذلك حتى كلمة «التماسا للسلامة» في آخر الفقرة التالية.