وهذا هو كل ما استطعت أن أذكره عن مدن مملكة تونس.
جبال دولة بجاية
تتألف كل دولة بجاية تقريبا من جبال عالية وعرة حيث يوجد الكثير من الغابات والعيون. وتسكن هذه الجبال قبائل عريقة غنية كريمة ، تملك عددا كبيرا من الماعز ومن الثيران والخيل. وقد عاشت دائما تقريبا في حرية ، ولا سيما بعد أن سقطت بجاية بأيدي النصارى (١٩٣). ويحمل كل الناس تقريبا في هذه البلاد وشما في صورة صليب على الخد ، حسب العادة القديمة التي اشرنا اليها من قبل. وغذاؤهم الرئيسي خبز الشعير. ولديهم كمية كبيرة من أشجار الجوز والتين التي تكثر على الخصوص في الجبال المحاذية للبحر والمسماة جبل زواوة (١٩٤). وتوجد في هذه الجبال مناجم حديد. ويصنع من هذا الحديد سبائك صغيرة من وزن نصف رطل (١٩٥) تستخدم عملة. كما تضرب النقود الفضية من وزن أربع حبات (١٩٦). وينبت هنا الكثير من الكتان والقنب. وتصنع منه كمية كبيرة من الاقمشة الكتانية ، وكلها غليظة خشنة.
وأهل هذه البلاد يتصفون بالغيرة. وهم أقوياء البنية ومحبون لعمل الخير. وكلهم تقريبا من ذوي الهندام الحسن.
وتمتد دولة بجاية هذه في قسمها الجبلي ، على طول البحر المتوسط على مسافة مائة
__________________
ـ ووصل أسطوله المؤلف من خمسين سفينة في ٢٤ تموز (يوليه) تجاه ساحل طرابلس الى ان سقطت في ٢٥ تموز (يوليو) بعد مقاومة ضارية جدا لان الناس الذين كان لهم علم بذلك منذ زمن طويل كانوا بحالة اهبة للدفاع. وكانت الخسائر جسيمة وهدمت المدينة انتقاما. وعادت للإعمار بالسكان عند ما عاد اليها حاكمها السابق المسلم. وبعد ان انتزع الأتراك رودس في ١٥٢٣ م من فرسان نظام القديس يوحنا ، أعطاهم الامبراطور شارلكان جزيرة مالطة وفي ١٥٢٨ م عهد اليهم بطرابلس حيث اصبح احد فرسانهم حاكما عليها. وقد انقذ القائد التركي سنان باشا طرابلس من أيدي أتباع نظام القديس يوحنا بتاريخ ٤ آب (اغسطس) ١٥٥١ م رغم الدفاع المستميت الذي قام به القائد العام في هذه المدينة وهو الفارس الفرنسي دوكامبري.
(١٩٣) «المقصود هنا هو انهم لم يكونوا ملتزمين بدفع الضرائب لا سيما بعد ان سقطت عاصمة المنطقة بأيدي الاسبان» (المترجم)
(١٩٤) جبال زواوة هي جبال القبائل الكبرى حاليا إلى الغرب من بجاية. ويعتبر السكان البربر القائليون أنفسهم من زواوة.
(١٩٥) حوالي ١٧٥ غرام.
(١٩٦) ٢٠ غرام.