بينها تقع في السهل ، وهي كثيرة الخصب ، حتى إنها لتمون كل المدن المجاورة مثل قسنطينة والقالة وجيجل وكذلك العرب أيضا.
وسكان هذه الجبال أكثر حضارة من أهل جبال بجاية ويمارسون مختلف المهن ويصنعون على الخصوص كمية من أقمشة الكتان.
ومن عادة نساء هذه البلاد الهرب الى جبل آخر حينما لا يعجبهن أزواجهن. وتترك المرأة الهاربة أولادها. واذا كان الجبل الذي تقصده معاديا لجبل زوجها ، تتزوج من جديد. ومن هذا تنشب النزاعات. ولكن يتوصل أحيانا الى تفاهم ، سواء عن طريق التعويض المادي ، او بطريقة من طرق المقايضة ، كأن يعطي الرجل التي استقبل الهاربة إحدى بناته او إحدى أخواته للرجل الذي هربت زوجته منه.
وسكان هذه المنطقة أغنياء جدا لأنهم لا يدفعون اية ضريبة. ولكنهم لا يستطيعون مزاولة التجارة لا في السهل خوفا من العرب ، ولا في المدن خوفا من الأمراء. فيقيمون كل أسبوع سوقا في ايام مختلفة ، يقصده تجار من قسنطينة ومن القالة. ويجب ان يكون لكل من هؤلاء التجار صديق يقوم بدور كفيل ، إذ بدون ذلك لا يستطيع أحد أن ينصفهم إذا تعرضوا للغش.
ولا يوجد هنا قضاة ولا أئمة ، ولا أي شخص يعرف القراءة. وإذا احتاج احد لقراءة رسالة ، فعليه ان يبحث عن قارىء على مسافة اثنى عشرة او خمسة عشرة ميلا.
وفي هذه الجبال نحو أربعين الف فارس. ولو كان هؤلاء الناس متحدين جيدا لاستطاعوا بسهولة السيطرة على كل افريقيا لأنهم على غاية من الإقدام.
جبال عنابة
تحوي عنابة ، المحفوفة من الشمال بالبحر ، بعض الجبال في غربها ، وفي جنوبها. وهي متصلة بجبال قسنطنية. ولكن توجد إلى الشرق جبال ، على شكل تلال ، مغطاة بأراض صالحة للزراعة. وكانت تضم في الماضي بضع مدن وعددا من القصور التي بناها الرومان ، ولكن لم يبق منها الآن الا أطلال لا يعرف أحد اسم أي منها.
والمناطق الصالحة للزراعة غير مسكونة بسبب العرب ، باستثناء منطقة صغيرة