وينفصل عن الجبال الأخرى ببعض الرقع الرملية. ويبعد عن طرابلس بمقدار خمسين ميلا تقريبا (٢٠٨). وينبت فيه الكثير من الشعير وتمور ممتازة يحسن أكلها طرية. وينتج هذا الجبل كذلك كثيرا من الزيتون الذي تستخرج منه كمية كبيرة من الزيت تنقل الى الاسكندرية والى المدن المجاورة.
وينبت فيه كذلك الزعفران بكثرة. وهو متميز من حيث اللون والنوعية وأفضل بكثير وأغلى سعرا من الأنواع التي تجلب من مختلف انحاء العالم. فاذا كان سعر زعفران اليونان او تونس مثلا يساوي في القاهرة عشر أشرفيات للرطل الواحد ، فإن الرطل من زعفران غريان يساوي خمس عشرة أشرفية ، وذلك حسبما رواه لي أحدهم الذي كان حاكما في هذا الجبل (٢٠٩). وقد قال لي هذا الشخص أن هذا الجبل كان دخله السنوي ، في عصر امير طرابلس ، مقدار ستين الف دوبل ، وكان محصول الزعفران ، في أثناء حكمه ، يبلغ ثلاثين قنطارا ، وهذا يمثل خمسة عشر حمل بغل (٢١٠).
وكان سكان غريان يتعرضون دوما لابتزاز العرب وملوك تونس ، ولهم الكثير من القرى ، وعددها حوالي مائة وثلاثين ، مؤلفة من بيوت فقيرة وشنيعة.
جبال بني وليد
يقع هذا الجبل على مسافة مائة ميل من طرابلس (٢١١) ، وتقطنه قبيلة باسلة وغنية
__________________
(٢٠٨) تقع كتلة جبل غريان ، التي تتمدد شرقا بجبل يفرن ، على مسافة ١٠٠ كم جنوب طرابلس.
(٢٠٩) الأشرف ، وبالإيطالية ، شرافو ، وبالإسبانية سراف ، كان هو الدينار الاشرفي ، الذي ضربه في مصر السلطان سيف الدين برسباي الأشرف في كانون الاول (ديسمبر) سنة ١٤٢٥ م. وكان هذا من الذهب الخالص الخالي من الخلائط وكان يزن نظريا ٤٦٦ ، ٣ غراما ، أو ما يعادل بالقيمة الحالية ١٢ فرنك ذهب. وكان دارجا جدا في كل أقطار المشرق حتى الهند ، وكان مرغوبا فيه حتى ان عبارة «ذهب شرف» كانت تعني في فرنسا ، في القرن السادس عشر ، الذهب من النوع الأول. وكان الرطل العطاري أو رطل العطارين ، يعادل حوالي ٤٤٥ غراما. مما كان يعادل تقريبا سعر زعفران غريان وهو ٤ فرنكات ذهب في القاهرة وزعفران اليونان وتونس ٧ ، ٢ فرنك الغرام ، وهو سعر غاية من الارتفاع بالنسبة لذلك العصر.
(٢١٠) كانت ٦٠٠٠ دوبل بسعر الدوبل ٢١٩ ، ١٦ فرنك ذهبي وهي تمثل ٩٧٣٠٠ فرنك ذهب ، و ٣٠ قنطارا من وزن ١٠٠ رطل تساوي حوالي ١٣٥٥ كغم ، وكل بغل يحمل ٨٩ كغم من أزهار الزعفران.
(٢١١) ١٦٠ كم وهو يقع على طريق فزان ، في الجنوب الشرقي.