نوميديا
لقد سبق أن قلنا فى القسم الأول من هذا الكتاب أن نوميديا تعتبر أقل أهمية من بلاد البربر لأسباب يوردها الجغرافيون والمؤرخون الأفارقة.
وبعض بلاد نوميديا قريبة جدا من جبال الأطلس. وقد تكلمنا عنها في القسم الثاني من هذا الكتاب الذي يعالج بلاد حاحة وإقليم السوس وإقليم جزولة. وقد ذكرنا في مملكة تونس الحامّة وقابس. ويرى بعضهم أن هاتين البلدتين تنتسبان إلى نوميديا. غير أننا عددناهما في جملة مناطق بلاد البربر لأن بطليموس يضم كل ساحل مملكة تونس في بلاد البربر. وسنتكلم عن الأخرى واحدة فواحدة.
تيسّت : مدينة في نوميديا
هي مدينة صغيرة ، بناها النوميديون في أزمنة سحيقة في القدم على تخوم صحراء ليبيا. ولها جدار سور من الطوب النيء (١). ولا ينبىء مظهرها عن الشيء الكثير ، حتى انها لا تعطي أبدا صفة مدينة متحضرة آمنة. وفيها قرابة أربعمائة أسرة. ولا يوجد حولها سوى مناطق رملية. ويوجد قرب المدينة رقعة صغيرة صالحة للزراعة ، ومزروعة فعلا بالنخيل ، ورقعة أخرى تزرع شعيرا ودخنا يقيم بها السكان أود معيشتهم البائسة. ويدفع هؤلاء الناس جعلا ثقيلا للعرب ، جيرانهم في الصحراء ، ومن عادتهم أن يقوموا برحلات تجارية مع بضائعهم إلى بلاد السودان وإلى جزولة ، حتى إنه لا يمكث في البيوت سوى نصفهم. وهم شديد والقبح وسود تقريبا وليس لهم أي حظ من التعليم. والنساء هن اللواتي يتعلمن ويقمن بدور معلمات المدرسة للفتيات وللفتيان. وعند ما يبلغ الفتية سن الثانية عشرة يشغّلهم أبوهم في مزرعته ، سواء لعزق الارض أو لاستخراج الماء من البئر لريها. والنساء اكثر بدانة من الرجال
__________________
(١) ويقول راموزيو إنها من الحجر الغشيم. وهذه العبارة تعني من حجارة غير متلاحمة بملاط.