وأربع وعشرون قطعة من هذه النقود تساوي دينارا. ويستولي زعماء الطوائف على قسم من الضرائب. تلك مثلا حالة جزية اليهود وأرباح سك العملة. والقسم الآخر يقبضه العرب (٤٣) رسوما للجمرك. والسكان أدنياء وكل الذين يهاجرون منهم يمارسون مهنا وضيعة (٤٤). ولكن يوجد بينهم بعض الأغنياء الوجهاء ، وكثير منهم يسافرون إلى بلاد السودان حاملين بضائع بلاد البربر لمقايضتها بالذهب والرقيق.
وتتغذى عامة الناس بالتمور وبالقليل من القمح.
وتكثر العقارب هنا بصورة مفرطة في كل القصور ، ولكن لا توجد براغيث. وتكون الحرارة في الصيف شديدة والغبار يملأ الجو حتى لقد اعتقدت أنه السبب في إصابة جميع السكان بالتهاب في عيونهم. ويكون النهر ، في هذا الفصل جافا على الأكثر ، وتكون ندرة المياه كبيرة ، إذ لا يكون لديهم سوى الماء المالح المستخرج من آبار محفورة باليد. ويبلغ محيط هذه الكورة ثمانين ميلا من الطول (٤٥). وحينما كان كل الناس على وئام ، تم بناء جدران لمنع غزو الفرسان العرب وذلك بالقليل من النفقات. وقد ظلوا أحرارا طالما كانوا متوحدين مع إرادة مشتركة. ولكن ما إن تشكلت الأحزاب حتى تقوضت هذه الجدران ، وأصبح كل حزب منها يستدعي العرب للدفاع عن نفسه. وهكذا أصبح هؤلاء الناس أتباعا أو عبيدا تقريبا للعرب.
مدينة سجلماسة (٤٦)
لقد بنيت هذه المدينة ، وذلك استنادا إلى بعض مؤلفينا ، على يد قائد روماني ، سبق أن انطلق من موريتانيا ، وفتح كل نوميديا ثم وصل غربا حتى ماسّه ، فبناها وأعطاها اسم سيجيللوم ماسة لأنها كانت آخر بلدة في دولة ماسّه ، ولأنها كانت نوعا ما
__________________
(٤٣) من قبيلة العمارنة.
(٤٤) «والغريب أن أهل هذه المناطق الفقيرة نسبيا يهاجرون في أيامنا هذه إلى فرنسا على الخصوص طلبا للعمل ، ويعملون في المهن الشاقة التي يأنف العمال الفرنسيون منها أو في المهن الخطرة على الصحة ، كما في مناجم الفحم» (المترجم).
(٤٥) ١٢٨ كم.
(٤٦) سجلماسة ، أو المدينة الحمراء على الزيز. أنظر تراس. مذكرات عن أطلال سجلماسة. المجلة الأفريقية. الجزائر ١٩٣٦ بالفرنسية