قرى (٧٩) والسكان أغنياء. وهى أيضا رأس الخط التجارى حيث يتلاقى تجار مدينة الجزائر وبجاية مع تجار بلاد السودان. ويدفع أهل المنطقة إتاوة للعرب ، بوصفهم اتباعا لهم.
طوقورت
طوقورت مدينة قديمة بناها النوميديون على جبل له شكل نتوء يمر عند سفحه نهر صغير يجتازه جسر متحرك كما نجد امثالا له عند أبواب المدن. وهي محاطة بجدار من الحجر الغشيم والطين ، باستثناء طرف الجبل الذي تعد جروفه وسائل دفاع (٨٠). وتقع هذه المدينة على مسافة خمسمائة ميل من البحر المتوسط وثلاثمائة ميل تقريبا من تيغورارين (٨١). وتسكن طوقورت خمسمائة وثلاثة آلاف أسرة (٨٢). وبيوتها من الآجر المشوى والنيء. والجامع وحده من الحجارة المنحوتة الجميلة. وهي مأهولة جيدا بالصناع والوجهاء الذين هم من ملاكي حدائق النخيل الأغنياء. ولكن المدينة تفتقر للقمح الذي يجلب اليها من قسنطينة بالتبادل مع التمور. ويحب أهل طوقورت الغرباء كثيرا ويستضيفونهم في بيوتهم بالمجان ، ويرجحون تزويج بناتهم للغرباء أكثر من اهل البلاد ، ومن عادتهم ان يعطوا بناتهم مهرا مؤلفا من أثاث كعادة اهل اوروبا. ويقدمون هدايا كبيرة للغرباء حتى ولو عرفوا انهم لن يعودوا مطلقا ، وذلك لانهم مفرطون في الكرم. وقد كانت طوقورت في الماضي تحت سلطة ملوك مراكش (٨٣) ثم اصبحت تابعة لملوك تلمسان. واخيرا صارت تابعة لملك تونس الذي تدفع له خمسين
__________________
(٧٩) إن القصور الستة التي كانت في ذلك العصر هي : العطف ، بونواره ، بني ايسغن ، وغرداية. وقد أسست هذه القصور الأربعة في النصف الأول من القرن الحادي عشر الميلادي على يد جماعات من زناتة الأباضيين الذين قدموا تقريبا من كل حدب وصوب كي يلتجئوا إلى هذه المنطقة الموحشة للغاية والعسيرة المواصلات ، ثم أنشئت مليكه سنة ١٣٨٠ م ، وأخيرا سيدي سعيد التي خربها الأتراك في القرن السابع عشر. أما القرى فليست معروفة بالنسبة لدينا.
(٨٠) هذا الوصف مجاف للحقيقة كل المجافاة. وهذا يقودنا الى الظن بأن المؤلف كان مضطرا لقبول معلومات قدمها له مازح ردئي ولا يمكن انه وقع في التباس ما ، إذ ليس لبلدة اخرى في هذه المناطق مجموع هذه الخصائص ، ولا تحوي الجولية سوى بعضها.
(٨١) لا يوجد اكثر من ٣٣٠ ميل او. ٥٣ كم بين طوقورت والبحر المتوسط ، وتبلغ المسافة بين طوقورت وتيميمون والجولية على الطريق المباشر مقدار ٥٥٠ ميلا او ٨٨٠ كم.
(٨٢) مبالغة اكيدة.
(٨٣) من المرابطين ثم الموحدين ، ويبدو ان المنطقة ظلت لمدة طويلة مركز مقاومة مرابطية.