بلاد الجريد
تمتد هذه الولاية من تخوم بسكرة حتى جزيرة جربة. وفيها قسم يبتعد كثيرا عن البحر المتوسط ، كحالة بلاد قفصة التي تكون على مسافة ثلاثمائة ميل في داخل الأراضي (١٠١). وهذه البلاد شديدة الحر وكثيرة الجفاف ، ولا تتبت فيها الحبوب ، ولكن تنتج كمية كبيرة من تمور ممتازة ، غاية في الجودة ، وتنقل الى الساحل التونسي (١٠٢). وتضم الولاية بضع مدن ، كما سنسرد ذلك.
توزر
توزر (١٠٣) مدنية قديمة بناها الرومان في صحراء نوميديا على مجرى ماء صغير يأتي من بعض الجبال من جهة الجنوب (١٠٤). وكانت جدارن أسوارها سميكة وصلبة تحيط برقعة كبيرة من الارض ، ولكن هدمها المسلمون عند الفتح في نفس الوقت مع قصور لم تعد الآن سوى انقاض. والسكان أغنياء ، سواء فيما يتعلق بالعقار أو فيما يتعلق بالنقد ، لأنهم يقيمون في مدينتهم بضعة أسواق يقصدها اناس من مختلف القبايل النوميدية والبربرية. وهم يتوزعون بين منطقتين تنفصل كلتاهما عن الأخرى بنهر صغير. ويطلق على إحدى هاتين المنطقتين اسم فنطاسة (١٠٥) وإليها ينتسب كل ما هو حسن المنبت وشريف في المدينة. ويطلق على الأخرى إسم مرداس ، وتتألف من عرب مكثوا في المدينة منذ أن سقطت بأيدي المسلمين (١٠٦). وهاتان المجموعتان
__________________
(١٠١) أي ٤٨٠ كم. ولكن قفصة لا تبعد سوى ٢١٧ كم عن ميناء محرس ، وتوزر ٢١١ كم عن قابس.
(١٠٢) «لا تزال بلاد الجريد محافظة على سمعة طيبة جدا في تمورها من نوع دقلة النور التي تصدّر الى أوروبا» (المترجم).
(١٠٣) وهي توزوروس عند الرومان.
(١٠٤) يدل هذا الخطأ الجسيم على أن المؤلف لم ير توزر ، وكتب ما كتب استنادا الى معلومات غير صحيحة استقاها من احد الناس : فتوزر واقعة على حافة شط الجريد الى الشمال منه ، وهي سبخة تكمارت القديمة. كما ان اصل المجرى المائي ، وهو رأس العيون ، يكون متميزا هنا.
(١٠٥) تقع البلدة المسماة فنطاسة على الجانب الآخر من شط الجريد ، على ضفته الجنوبية ، في منطقة نفزاوة ، وعندما نذهب من توزر ونجتاز الشط ، فإننا نصل مباشرة الى فنطاسة.
(١٠٦) لقد ذكر المؤلف سابقا ، في القسم الخامس ، وجود فخذ من مرداس في ضواحي عنابة ، ومرداسيو توزرهم من فخذ آخر من هذه القبيلة ، فرع من عوف ، وهي قبيلة سليمانية لحقت بالقبائل الهلالية عند انطلاق الزحف غربا وحينما هاجروا الى المغرب في اواسط القرن الحادي عشر ، وليس عند الفتح الاسلامي.