متعاديتان ، الواحدة ضد الأخرى ، ومن النادر ان يدينوا بالطاعة لملك تونس الذي يعاملهم بقسوة عندما يأتي شخصيا الى توزر ، ولا سيما الملك الحالي.
مدينة قفصة
قفصة (١٠٧) مدينة قديمة ، بناها الرومان ، وظلت بأيدي أمرائهم إلى أن قدم عقبة ، قائد جيش عثمان ، لمحاصرتها (١٠٨). وعندئذ سقطت بأيدي المسلمين ، الذين هدموا جدار سورها. ولكنهم عجزوا عن هدم القلعة ، التي تعد حقيقة من الخوارق ، لان لها جدرانا ترتفع الى خمسة وعشرين ذراعا (١٠٩) وسمكها ثلاثة أذرع (١١٠) مبنية بحجارة ضخمة منحوتة ، مثل كوليزة روما. وقد أعيد بناء الاسوار بعد مضي بعض الوقت وأخذت المدينة تسترد طابعها كمدينة آمنة حتى قدوم المنصور ، ملك مراكش وخليفتها. ولكنه قام بتقويض جدار السور من جديد مع شقة حائط من القلعة. وإليكم السبب : لقد ظل في هذه المنطقة أمير من أسرة ملك لمتونة ، الذي كان يسيطر على البلاد ويوقع الكثير من الأذى بالساحل التونسي ، بالاستعانة بالعرب (١١١) ، ولما جاء المنصور لأول مرة الى هذه البلاد مع جيوشه ، سرعان ما غادر الامير المذكور المنطقة وذهب الى الصحراء مع بعض العرب. وقبل المنصور خضوع المنطقة وعاد الى مراكش ، وما أن وصلها ، حتى عاد الامير من الصحراء وطرد الحاكم المعينّ من قبل المنصور. وهكذا عاد المنصور بعد عدة أعوام مع جيش كبير متجها الى
__________________
(١٠٧) قفصة او كابسة عند الرومان.
(١٠٨) ارسل عقبة بن نافع الى افريقيا حوالي سنة ٦٧٠ من قبل معاوية (الخليفة الاموي الأول). فاحتل قفصة عند التجاقه بالجيش العربي بقيادة معاوية بن حديج ، الذي عزله عن قيادته ، ثم اسس القيروان.
(١٠٩) ٧٥ ، ١٦ م.
(١١٠) ٣٥ ، ٣ م.
(١١١) بتاريخ يوم الجمعة ٢٣ تشرين الثاني (نوفمبر) ١١٨٤ م نزل سلطان ماجورقة المرابطي ، على بن اسحق المايورقي ، واسمه ابن غانية ، لأنه كان ينحدر من يوسف بن تاشفين ، من طرف جده غانية ، نزل في بجاية على أمل إحياء الأسرة المرابطية في بلاد البربر ، وافلح في تحقيق عدد من الانتصارات في الشمال. وقد استرد الموحدون أنفاسهم وتم طرد علي ومرابطيه الى الجنوب التونسي حيث وجدوا عونا من العرب وحيث حققوا اتصالهم مع القوات التركية ، او الغز ، الذين كانوا بقيادة المدعو قراقوش الناصري ، وهو مملوك لملك مصر صلاح الدين الايوبي ، وكان قد جاء لمحاولة فتح بلاد طرابلس باسم مليكه. وقد استطاع المرابطون والاتراك مع دعم من العرب ان يحتلوا مدن الجريد من قابس الى قفصة.