الصحراء التي يسكنها قوم قنزيغه
تبدأ الصحراء الثانية في الغرب من تخوم تغازة وتمتد شرقا حتى تخوم آيير وهي صحراء يسكنها الطوارقة ، وتتاخم من الشمال صحراء سجلماسة ، وصحراء تبلبالة وبني قومي ، ومن الجنوب صحراء غير ، التي تقابل مملكة غوبر. وهذه الصحراء اكثر وحشة وقحلا من الصحراء السابقة. ومن هنا يمر التجار الذين يذهبون من تلمسان الى تومبوكتو وهم يقطعونها في اكبر قطر لها ، فتؤدي صعوبة الاجتياز الى هلاك كثير من الناس والحيوانات لفقدان الماء. ويوجد في هذا القفر صحراء فريدة ، تدعى جيوغدم ، حيث لا يعثر على ماء لمدة تسعة أيام ، ويجب الاكتفاء بالماء الذي حمل على ظهر الجمل ، باستثناء ماء بعض البرك التي قد تتكون أحيانا من ماء المطر ، ولكن هذا يحدث فجأة ومن قبيل الصدف (١٢٤).
__________________
ـ الحالية. وفي الواقع كان مجال زناقة يمتد سياسيا حتى أوائل واحات توات. وينطبق على الصحراء الكبرى الغربية ، وعلى المجالات الحالية لقبائل الرقيبات والبرابيش ومختلف القبائل العربية ـ الاسبانية للتاغنت وللأدرار الموريتانية.
) H. Lhote («ويقصد بالاسبانية سكان الصحراء الاسبانية سابقا» (المترجم).
(١٢٤) يضم هذا التحديد إذن رقعة واسعة جدا لأنها ، نظريا ، كانت تمتد بصورة عرضية من الشمال الشرقي في الصحراء الكبرى نحو جنوبها الشرقي. وعلى كل حال عند ما يقول الحسن الوزان انها تتاخم صحراء سجلماسة او حتى تخوم تغازه فمعنى ذلك ان هناك غموضا قد يكون منشؤه صعوبة في شحر النص ، إذ لا نرى اي منطقة يتوافر فيها الوصف الذي ذكره. أين كانت تنتهي صحراء سجلماسة ، وأين تبدأ صحراء تابلبالة.؟ لا نعرف شيئا عن ذلك. لأن هذه الأسماء لا تعني اليوم سوى بلدانا لا مناطق صحراوية. ويشتمل النص على مظاهر كثيرة من هذا الأضطراب حتى ليتراءى بجلاء ان الحسن الوزان لم يستطع ان يقيم تحديده الا بناء على معلومات استقاها من بعض الأفراد ، وأنه ليس لديه سوى مفاهيم غامضة عن داخل الصحراء الكبرى. ومن جهة أخرى إذا انتبهنا إليه ، نجده يقول أن آيير كانت مأهولة بالطوارق ، ولكن عند ما يتكلم عن مملكة آغادس ، لا يذكر إسم آيير ولا مرة واحدة ، ويبدو انه يجهل العلاقات السلالية التي كانت قائمة بين بدو هذه الكتلة الجبلية وبين إخوانهم قنزيغة ، والطوارق ولمتة. وربما كانت هذه العلاقة بين الطوارق وآيير ناتجة عن أن الحسن الوزان استقى معلومات مفادها ان قبائل «كل آيير» كانت من نفس عائلة الطوارق ، غير انه ، في الحقيقة ، هناك عدد من قبائل هي من أصل طارقي وقدمت من خزان في وقت متأخر عن الفتح العربي. وفي هذا لفتة نظر بسيطة بضم «كل آيير» من الطوارق الذين يتكلم عنهم الوزان ، ولكنها تستطيع تبرير بلبلته. أما فيما يتعلق «بصحراء غير التي تقابل مملكة غوبر» فلا نعرف على أي شيء تنطبق ، لأن اسم «غير» غير موجود ظاهريا في المنطقة ، كما أن غوبر لم تكن أبدا صحراء. وهذا الخلط في هذه النقطة الأخرى مستحيل التفسير ما دام الوزان يقول أنه كان في غوبر ، وأنه من غير المفهوم أن يعد المنطقة صحراء. ويجب أن نستخلص من ذلك أن الوزان إذا كان قد زار آيير وغوبر ، فهو لم يعرف أن يحكم الاتصال في مخططه او لأنه ، من الاحتمال الآخر ، قد اجترح خطأ مؤسفا. والواقع يتحدد النطاق الصحراوي بتخوم الآيير وبالمنطقة الواقعة بعيدا إلى شمال غوبر حسب خط يربط تقريبا بين آبار تاماية ـ