الصحراء التي يسكنها قوم الطارقة (١٢٥)
تبدأ الصحراء الثالثة من تخوم آيير شرقا وتمتد حتى صحراء ايغيدي غربا والى الشمال تتاخم صحراء توت وتيغورارين والمزاب ، وتتاخم من الجنوب الصحاري القريبة من مملكة آغادس. وليست صحراء الطارقة بمثل وحشة وخطورة الصحراوين السابقتين ، إذ يعثر فيها في كل يومين على ماء طيب في آبار عميقة جدا ، ولا سيما بجوار آيير ، التي هي صحراء معتدلة وذات هواء معتدل وحيث يتبت الكثير من الكلأ (١٢٦) ،
__________________
ـ بمدينة آزوغي هي الرواية الطيبة. ويتكلم ابن خلدون عن صحراء ، ولكن ربما كان الاسم الذي يقصده هو اسم لمدينة قريبة. اذن المقصود بذلك صحراء محلية واقعة جنوب شرق آزوغي او الى الشمال منها ، على الطريق الذاهبة من سجلماسة الى تومبوكتو. ولا يظن ان الحسن الوزان قد اجتازها بنفسه ، والذي ربما يبدو اكثر صحة انه تلقى معلومات عنها ، وإلا لكان حدد مكانها بصورة اكثر صحة. وكان عليه حقا ان يوردها في صحراء زناقة. ويضع دولافوس الفرنسي منطقة «كاوكادام او غوغادم» بين الادرار والدرعة ، ولكنه لا يقدم أسباب هذا الاختيار. ومن الممكن قبول روايته ، ولكن مع التحفظ ، بأنها كانت اكثر قربا الى الدرعة منها الى مرتفعات الادرار الموريتانية ، في جمهورية موريتانيا الاسلامية الحالية. وهناك ثلاثة عشر يوما من السير بين سجلماسة وآزوغي ، لهذا يكون من المحتمل ان هذه هي المنطقة الصحراوية التي نالت اسم غوغدم وليس ذلك سوى مجرد فرض لأن الوزان وصف هذه الصحراء على أنها اقسى الصحاري الموجودة في منطقة فنزيغة. ويظهر إذن من المنطقي تشخيصها بمنطقة تنزر وفت التي تربط حقا بين صحاري زناقة وصحاري فنزيغة وفي رأينا لا يوجد في ذلك انعدام توافق مع ما رأيناه ، آنفا ، لأنه استنادا إلى طريقة الوزان في تعريف بعض المناطق الصحراوية باسم اقرب بلدة لها ، فقد يكون اسم غوغدم قد اتخذ للكناية عن تنزروفت ، ذلك الاسم الذي لا يذكره.
وهو اسم طوارقي والذي شملنا به منطقة واسعة ، دون حدود دقيقة ، في حين ان السكان المحليين من عرب وبربر يحددون فيه عدة مناطق طبيعية تحت اسماء متميزة. وامام هذا الاشتباه فقد احجمت عن تثبيت مكان صحراء غوغدم على الخارطة ـ ه. ل.H.Lhote.
(١٢٥) ابتدأ ذكر الطارقة او الطوارق في النصوص العربية في القرن العاشر الميلادي. وطارقة اسم بربري يعني ساقية او قناة ، ويعني في لهجة تاماهاك ، وهم طوارق الشمال ساكن صحراء «فزان» (صحراء في غرب ليبيا) وقد طبق العرب هذا الاسم على قبائل الملثمين.
(١٢٦) مساحة هذه الصحراء عظيمة ، لانها تمتد بين الشمال والجنوب من مزاب حتى تخوم آيير ذاتها ، وتلامس ، من جهة اخرى ، كثبان ايغيدي ، وتوات وكثبان قورارة. ولا يمكن ان يكون المقصود بها سوى مجال نجعة طوارق الهقّار. ويبدو أن الحسن الوزان قد ارتكب هنا خطأ في وضع آيير في الغرب ، وايغيدي في الشرق ، ويجب قراءة العكس (وقد صححنا هذا في النص) «المترجم». وقد خطر ببالنا ان ايغيدي هي صحراء تينيرة ، ولكن كلمة ايغيدي لها مدلول عرق رملي ، مؤلف من كثبان عالية ولا يمكن تمثيله بتينيرة ، اذن لا يمكن ان يقع هنا خطأ محتمل. وهذه الصحراء تنطبق على صحراء لمتة عند ابن خلدون ، الذي يحدد مكان هذه القبيلة الى الجنوب من الزاب واقليم قسنطينة. ولكن الوزان ، وهذا حسب قوله ، قلب موضع القبيلتين ، ولم يحدث تبدل هام في موضع هاتين المجموعتين الكبيرتين من الطوارق ، لأن الادريسي (١١٥٤ م) أورد ذكر «الأزغار» في جبل طنطانو ، وهو مرتفعات تاسيلي اما ابن بطوطة (١٣٥٤ م) ، من جهته ، فقد اجتاز بنفسه بلاد «الهقّار» وبلاد «كاهر» التي يمكن ترجمتها بكل آيير. ويروى لنا ابن خلدون بأن هجرة ـ