الصحراء التي يسكنها شعب برداوة
تبدأ الصحراء الخامسة من الغرب حيث تنتهي الصحراء السابقة وتمتد شرقا حتى صحراء اوجله. وتتاخم من الشمال صحراء فزان وصحراء برقة. أما من الجنوب فتتاخم صحراء بورنو. والأرض شديدة الجفاف في هذه المنطقة. ولا يمكن اجتياز هذه المنطقة بسلام. وأهل غدامس وحدهم هم الذين يستطيعون القيام بذلك ، لأنهم أصدقاء البرداوة. ويحملون من فزان الأقوات والأقمشة ... الخ التي هي ضرورية للرحلة (١٣٤).
__________________
ـ توات دوما جماعة «كل اهقّار» تحت اسم ايلمتين ، في حين ان هذا الاسم لم يعد معروفا اللهم الا بالنسبة لفخذ صغير من المستقرين في واحة البرقة ، قرب غات ـ ه. ل H.Lhote.
(١٣٣) ان هذه الفقرة التي يقصد بها قبيلة كل آجر يمكن ان تشمل أيضا كل آهقّار ، لان علاقات هؤلاء وأولئك مع الشعانبه في ورقلة كانت احيانا من أسوأ ما يكون ـ ه. ل.H.Lhote.
(١٣٤) يعني اسم برداوه سكان إقليم برداي في تيبستي في شمال جمهورية التشاد الحالية ، ثم أطلق على التدا ، وتتجاوز الحدود المذكورة هنا التيبستي كثيرا ، ولكن هذا الغموض هو أمر معروف لدى الحسن الوزان ، الذي يبدأ بدراسة صحراء حيث انتهى من أخرى ، دون أن تكون الحدود فيها محددة بشكل جبد ، وأحيانا تكون بينهما منطقة واسعة خالية. وعلى كل فان قوم برداوة ينطبق جيدا على التدا ؛ أو التبو ، وقد ورد هذا الإسم قبلا عند المقريزي ، الذي اعتبرهم بربر. وربما كان الحسن الوزان قد استمد هذا المفهوم منه ، لأن ابن خلدون لم يشر إليهم. هذا إن لم يكن قد انتشر في العالم العربي في القرنين الخامس عشر والسادس عشر ، فهو لم يفترض مطلقا قرابتهم مع القوران ، الذي يتكلم عنهم في مكان آخر ، ولكنه يقول إنهم ينتسبون لعرق خاص ، مماثل لعرق «زنغاري». و «الزنغاري» هم في الحقيقة أقوام من أصل درافيدي في جنوبي الهند ، والذين يعرفون في أوروبا باسم تزيغان ، او رومانيون او بوهيميون. والأقوام الافريقية التي شبهت أحيانا بالتزيغان ، «الذين يدعون النور او القرباط في بلاد المشرق العربي» ، هم البهل ، ومن المحتمل أن الوزان كان يريد أن ينسب هؤلاء الى القوارن. وقد ادّت قضية أصل التدا لفرضيات عديدة التي يمكن الرجوع اليها مختصرة عند دللوني «بعثة في تيبستي ، المجلد الثاني ، جمعية علم الاجتماع ، ج ٢ ، ١٩٣٥. اثنولوجي ص ٤٠٥ وما بعدها».
والتدا ليسوا من البربر ، وأكثر الدراسات جدّة تقبل الفرضية المقدمة من قبل ناشتيفال ، وهو أول اوروبي زارهم بانهم سكان المغاور عند هيرودوت. وتنسب لغتهم الى لغة الكانوري وتتبع مجموعة اللغات الزنجية في التشاد. كما أن النموذج الفيزيولوجي ليس منسجما ، ويدل على تهجينات عديدة حيث يمكن ملاحظة تأثيرات زنجية وحبشية ومن البحر المتوسط في آن واحد. ويعملون اليوم رعاة الشاة والجمال ، كما أن اخلاقهم وأثاثهم يعكس مؤثرات تجعلهم من الناحية الثقافية ينتسبون الى حضارة الرعاة الحامية ، ولكنهم خضعوا فيما بعد لمؤثرات زنجية قدمت من التشاد.
وتؤكد قائمة الرسومات المحفورة والرسوم الصخرية في تيبستي قدوم موجة من رعاة الأبقار الى كتلة تبيستي ، وربما يعود أصلهم لمصر العليا ، والذين عرفوا أيضا مناطق أكثر بعدا للغرب مثل فزان وتسيلي وهقار وادرار ودس ايفوراس .. الخ ، ولكن عناصرهم بقيت في تيبستي لمدة متأخرة أكثر من المناطق الأخرى. أما الأقوام الخيالة الذين نفذوا الى الصحراء الكبرى الوسطى ، والذين شهدت عليهم الرسوم المحفورة ورسوم الخيول المركوبة وغير المركوبة ، والتي هي شواهد ـ