أما بقية صحارى ليبيا ، أي التي تمتد من أوجاه حتى النيل ، فهي مأهولة بالعرب وبقوم يدعون لواته ، وهم من أصل أفريقي كذلك (١٣٥).
وهنا ينتهي وصف صحارى ليبيا. وسيتبعه الوصف المتعلق بالأمكنة المسكونة في هذه الصحارى.
نون : منطقة مسكونة
نون منطقة مسكونة على حافة المحيط. وليس فيها سوى قرى مأهولة بفقراء الناس. وتقع بين نوميديا وليبيا ، ولكن القسم الأعظم منها ينتسب إلى ليبيا ، ولا يجود فيها سوى الشعير وكمية صغيرة من التمور ، ولكنها رديئة. ولسكان هذه المنطقة هندام سيء ، وهم فقراء لأن العرب يبتزونهم بكثرة. ويذهب بعضهم للمتاجرة في مملكة ولاته (١٣٦).
__________________
ـ على هجرات ليبية ، فلم تبلغ تيبستي ، حيث تكون الكتابات الليبية البربرية معدومة تماما ، وهذا ما يستبعد أية فكرة عن الأصل البربري للتدا.
وعلى خلاف ذلك ، تظهر على جروف تيبستي في نفس العصر تقريبا مؤثرات زنجية الأصل ، تتمثل ماديا أولا على شكل أناس مسلحين بالسكين المقذوفة ، ثم في وقت متأخر ، برسومات بشرية أخرى ، مسلحة برماح عريضة الشفرة ، من النموذج الوّدائي. إذن يكون من المحتمل قبول مجيء اقوام من رعاة تعود لأصل حامي ، جاءت فوق ارضية قديمة جدا من زنوج العصر الحجري الأعلى ، جاءت لتتمازج معها. ثم قدمت بعد ذلك عناصر تشادية. ومن المؤكد أيضا أن العناصر الفزانية والبربرية قدمت لتساهم أيضا في تكوين التدا ، ولكن بأعداد قليلة ، سواء عن طريق هجرة أفخاذ صغيرة منعزلة ، قبل مجيء العرب إلى فزان ، أو بعد فزان من قبل التدا ، والذي حدث في القرن الثاني عشر الميلادي. ـ ه. ل.H.Lhote.
(١٣٥) اللواتة هم اللوبيم في التوراة واللبو ولا باتاي عند الاغريق ، ولواته عند الرومان ، ولا فات عند كوريبوس. وقد لعبوا دورا هاما في تاريخ مصر ، اولا بمهاجمتها ، ثم في خدمتها ، فقدمت لها المرتزقة ، وذلك حتى قدوم العرب. ويعودون أصلا لأقوام البحر ، وهم الذين منحوا اسمهم الى ليبيا. ويعطيهم ابن خلدون جدّا اسمه لوابن زدجيك بن مدغيس ، وهؤلاء هم البربر البتر. وكانوا يسكنون ، في الوقت الذي وصل فيه العرب ، في منطقة المدن الخمس وفي بلاد برقة. وقد هاجرت بعض أفخاذلواته نحو الغرب ، حتى المحيط ، وربما في فترة سبقت الإسلام ، وهجرة أخرى في أعقاب الفتح العربي. وقد ساهمت بعض من قبائلهم ، ومنها سدراته ، في إعمار منطقة آيير بالسكان ، في الصحراء الكبري ـ ه. ل.H.Lhote
(١٣٦) اذا كان المؤلف قد ذهب الى تاغاوست ، كما ذكر في كتابه الثاني ، فيكون إذن قد ذهب الى مركز بلاد نون ، وكانت تسمى قديما نول ، اي الإبرة في اللغة البربرية القديمة. ولا يبدو أنه ارتاب في ذلك. ويضع هذه المنطقة الى الجنوب أكثر من الحقيقة وإلى الغرب أكثر من الواقع. وكانت عاصمة المنطقة في الماضي نول لاماتاته ، التي ربما حلت محلها محليا بلدة تاغاوست ، وتدعى اليوم قوليمين. وقد احتفظ السهل الذي تشرف عليه باسم واد نون. ووادي اسّاكه ـ