أخبرهم ، عند ما وصلت القافلة لمسافة اربعين ميلا (١٥١) من هذا المكان قائلا : «اعلموا اننا أصبحنا قريبين من المنطقة المسكونة». ولم يتمكن أحد من تصديقه ، لأنهم يعرفون أنهم على مسافة (١٥٢) أربعمائة وثمانين ميلا (١٥٣) من مصر ، وتساءلوا فيما إذا كانت القافلة ستعود الى أوجله. ولكن فى اليوم الثالث أصبحت في مرأى من القصور الثلاثة (١٥٤) ، وقد ذهل أهل البلاد من رؤية وصول الغرباء ، وانسحبوا الى قصورهم ، وغلّقوا الابواب ورفضوا تقديم ماء الشرب للقافلة ، التي عانت الكثير من ذلك ، لأن الآبار كانت في داخل القصور. وبعد معركة خفيفة ، احتل أهل القافلة القصور ، وحملوا مؤونتهم من الماء الكافي وتابعوا رحلتهم (١٥٥)(١٥٦).
الواحات
الواحات ، منطقة مسكونة على مسافة تقارب مائة وعشرين ميلا من مصر ، فى الصحراء الليبية. وفيها ثلاثة قصور والعديد من القرى وبضع واحات نخيل. وسكانها أناس ذو وبشرة سوداء ، منحطون وبخلاء ، ولكنهم أغنياء لأنهم يوجدون بين مصر وغاوغاو. ولهم رئيس هو نوع من ملك ، الا أنهم يدفعون إتاوة لجيرانهم العرب
__________________
(١٥١) ٦٤ كم.
(١٥٢) ٧٦٨ كم.
(١٥٣) تقطع القوافل من هذا النوع أكثر من خمسين كيلومترا في اليوم.
(١٥٤) وربما كانت تازربو أو كبابو.
(١٥٥) يعود هذا الاكتشاف إذن الى حوالي العام ١٥٠٧ م. كما ان التعرف على آثار انسانية أو حيوانية عن طريق الشم أمر لا يدعو للدهشة بالنسبة لمن يعرف حدة الحواس التي لا تصدّق لدى الادلّاء الصحراويين. وربما تمّ اكتشاف واحة تازربو صدفة ، كما يروي ذلك البكرى ، والذي يسميها صوبرو. وتبدو واحات الكفرة مأهولة في أيامنا بعناصر مختلفة ، ويعود معظمهم من حيث الأصل للتدا الذين انضم اليهم عناصر متباينة اجتذبهم اليها السنوسيون ـ أ. وـ ه. ل et H.Lhote Epaulard
(١٥٦) يحدد المؤلف مكان الواحات في كتابه الاول في نوميديا. ويبلغ طول الخط الحديدي الذي يربط وادي النيل بعاصمة واحة الخارجة ١٢٢ ميل انكليزي أي ١٩٥ كم. وتعنى الواحات ، من حيث المبدأ ، سبحة من الواحات المتباعدة في منخفض يتجه بصورة محسوسة من الشمال للجنوب في الصحراء الليبية ، وأبعد واحة في الشمال هي واحة سيوة ، التي كان يوجد فيها في الماضي معبد آمون الذي زاره الاسكندر المقدوني. ولكن يقصد بهذا الاسم على الخصوص واحتين ، الشمالية وتدعى الداخلة (بالنسبة لصحراء ليبيا) والخارجة في الجنوب الشرقي ، لأنها أقرب الى النيل. وكانت هذه الواحة بالنسبة لقدماء المصريين مكان إقامة الموتى كما افترضوا أو «وا». وهذه الكلمة موجودة في اللغة البربرية ـ