مملكة جنة (٢٠)
وهي مملكة يسميها التجار الأفارقة جنيوه (٢١) ويسميها أهل البلاد جنيّ (٢٢) وكذلك البرتغاليون ، أما الذين لديهم معرفة بهذه الأصقاع فى أوربا فيسمونها غينيا (٢٣). وتتاخم المملكة السابقة ، غير أنه توجد بين الواحدة والأخرى مسافة تقارب خمسمائة ميل (٢٤) فى خلال الصحراء. فولاته تقع فى الشمال ، وتومبوكتو فى الشرق ومالى فى الجنوب. وتمتد على نهر النيجر على مسافة مائتين وخمسين ميلا تقريبا (٢٥).
ولها قسم يطل على المحيط ، وهو القسم الذى يصب عنده نهر النيجر فى البحر (٢٦).
ويكثر هنا الشعير والأرز والماشية والسمك والقطن بشكل مفرط. ويجنى سكان البلاد أرباحا عظيمة من تجارة أقمشة القطن التى يمارسونها مع تجار بلاد البربر ، ويبيع منهم هؤلاء بالمقايضة الكثير من الأقمشة الأوربية ، والنحاس والخارصين ، والأسلحة مثل الخناجر. والعملة التى يستعملها الزنوج من ذهب غير مسكوك اى التبر. كما يستعملون قطعا من الحديد لتسديد ثمن أشياء زهيدة القيمة ، كالحليب والخبز والعسل ، وتزن الواحدة من هذه القطع رطلا ، ونصف رطل ، أو ربع رطل.
ولا تنبت أية شجرة مثمرة فى هذه البلاد ، ولهذا لا يرى أى ثمر سوى التمر الأسود من ولاته أو من نوميديا. ولا توجد هنا مدينة ولا قصر وكل ما هنالك قرية
__________________
(٢٠) جنّة أو دينيّة ، والواقع لم تكن هناك مطلقا مملكة حقيقية في جنة.
(٢١) كناوه ، جناوا ، اسم لا زال دارجا فى المغرب الأقصى للكناية عن الزنوج وعن بلدهم.
(٢٢) مدينة قديمة في السودان الفرنسي سابقا ، أو مالى الحالية ، قرب باني ، رافد الجير ، وقد نقلت وظائفها التجارية اليوم إلى موبتي.
(٢٣) التباس من الحسن الوزان بين مدينة جنة وغينيا على ساحل المحيط الأطلنطى.
(٢٤) أي ٨٠٠ كم ، والحقيقة هي أن المسافة بين ولاته وجنة ٤٥٠ كم.
(٢٥) ٦٠ كم.
(٢٦) يقصد به طبعا نهر السنغال ، لأن المؤلف يتمسك بالرأى التقليدى لدى الجغرافيين العرب حتى ذلك العصر.