مالى (٣٢) ، ومنها جاء اسم كل بقية المملكة. ويقطنها الملك وحاشيته. ويكثر في البلاد اللحم والقطن والغلال. كما يوجد في هذه القرية عدد كبير من الصناع ومن الباعة المحليين والأغراب ، ويتمتع هؤلاء برعاية الملك أكثر من الآخرين. والسكان أغنياء بسبب تجارتهم ، لأنهم يقدمون لجنّة ولتومبوكتو كثيرا من المنتجات. ولديهم عدة جوامع ، وأئمة وأساتذة يعملون في الجوامع ، نظرا لعدم وجود مدارس. وهؤلاء هم الأكثر تمدنا وذكاء واعتبارا من جميع السود. فقد كانوا الأوائل في اعتناق دين محمد (صلّى الله عليه وسلّم). وقد كانوا محكومين في عصر دخولهم الإسلام من قبل أكبر أمراء ليبيا ، وهو الذى كان عما ليوسف ، ملك مراكش (٣٣) ، وقد ظلت السلطة بيد حفدة إخوته من أمه ، حتى عصر اسكيا (٣٤) وأصبح آخر هؤلاء تابعا له. وكانت التزاماته المالية ثقيلة جدا حتى لقد عجز عن إطعام أسرته.
تومبكتو
اسم هذه المملكة حديث العهد ، فهو اسم مدينة بناها ملك يدعى منسى سليمان فى عام ٦٠٠ للهجرة (٣٥) على مسافة اثني عشر ميلا من فرع النيجر (٣٦).
__________________
(٣٢) يجب أن يكون المقصود بها حينذاك نيانى ، وهى قرية على نهر سنكارانى ، قرب مقرنه مع النيجر. وقد تبدل موقع عاصمة مالى عدة مرات.
(٣٣) كان يوسف بن تاشفين ابن عم أبى بكر بن عمر ، كبير أمراء المرابطين. ويظهر أن هذا قد عاش دوما في الأدرار الموريتانى ، مع قبيلته لمتونة وذلك فيما عدا المراحل التي كان يقوم في أثنائها بحملاته العسكرية فى البلاد الأخرى. ولكن تذكر الروايات أنه زوج إحدى بناته من ملك من أسرة محلية من الماندينغ الذين كانوا يحكمون وقتئذ.
(٣٤) اسكيا الحاج محمد. ولا يجوز خلط هذا الاسم مع إسحق الذى حكم من ١٥٣٩ إلى ١٥٤٩ م.
(٣٥) ١٢١٣ ـ ١٢١٤ م. ويجب أن نذكر أن منسى سليمان حكم بالفعل من عام ١٣٣٦ إلى ١٣٥٩ م. وكان ابن بطوطة أول من ذكر تومبوكتو (١٣٥٤ م).
(٣٦) لقد تأسست المدينة ، بناء على أقوال الروايات ، فى القرن الحادى عشر من قبل الطوارق ، الذين أقاموا هنا مخزنا للبضائع التى عهدوا بحراستها لعبد يدعى تينبوتو ، أى من السرّة ، ثم تحولت على ألسنة السود إلى تونبوتو ، ولفظها العرب تونبوكتو. واستقر فيها العديد من التجار والعلماء المسلمين الذين كانوا فى ولّاته ، وتوسعت المدينة بسرعة. وفي أثناء عودة كنكان موسى ، امبراطور مالى ، من مكة ، مربغاء وحيث تلقى مراسم التبعية ، ثم احتل تومبوكتو حوالي العام ١٣٢٤ م. وفى ١٤٣٣ أصبح الطوارق سادتها بقيادة تامبنوكال اكيل آغ آملويل ، ووضعوا عليها أميرا من صنهاجة شنقيط. وفى هذا العصر لم يكن الطوارق من قبيلة تادمكت قد هبطوا من الأدرار ومن مرتفعات دس ايفوراس ، وأصحت المنطقة ، شأن ولّاته ، تحت سيطرة قبائل المسوفه من الملثمين ، من أصل زناتي طارقي. والغالب على الظن أن أكيل كان ينتسب إلى هذا الفخذ ، واحتفظ بالإمارة عليها حتى عام ١٤٦٩ م ، أى حتى التاريخ الذي قام فيه زعيم من سونغائى. وهو سونى على ، باحتلالها ه. ل H.I.hote.