بكر ولقبه باغارمه ، وكان حالك السواد ، ولكنه كان كبير القدر بسبب ذكائه وكثرة عدله.
ومما يضر كثيرا بهذه المدينة كثرة الأمراض الناجمة عن نوع الأغذية التي تستهلك فيها ، من سمك وحليب وزبدة ولحم مخلوط بعضها ببعض. ونصف الأقوات الموجودة في تومبوكتو تقريبا إنما تأتي من كاباره (٥٠).
غاءو ومملكتها
غاءو (٥١) مدينة كبيرة شبيهة بالسابقة ، أي بدون جدار سور. وتبعد هذه المدينة مسافة أربعمائة ميل تقريبا عن تومبوكتو (٥٢) إلى الجنوب الشرقي. وبيوتها قبيحة في معظمها ، ومن بينها بيوت جميلة المظهر جدا حيث يقيم الملك وحاشيته (٥٣). وسكانها تجار أغنياء يتجولون دائما في المنطقة مع بضائعهم. ويقصدها عدد لا يحصى من السود الذين يجلبون كمية كبيرة من الذهب ليشتروا به أشياء مجلوبة من أوربا ومن بلاد
__________________
(٥٠) والواقع أن الأطعمة فى كاباره ليست أكثر رداءة من المناطق الأخرى ، ولكن كاباره وخيمة بسبب الحميات الناجمة عن كثرة البعوض H.Lhote.
(٥١) غاءو. لا نزال نجهل المعلومات عن التاريخ الصحيح لتأسيس هذه المدينة. ولكننا نعرف على كل حال أن أبا المحرّض الخارجي ، أبو يزد ، سكن هذه البلدة في طفولته : «فقد سكن أبوه ، كداد تاكيس ، مدينة في أراضي كستيليا (توزر) وكان يزاول التجارة في السودان. وبعد أن اشترى في بلدة تادمكت (تادميكه) أمة اسمها سبيكة ، جاءه منها ولد كان أعرج وكانت له شارة على لسانه. وقد خطر له أخيرا أن يأخذه إلى كوكو (غاءو) ويعرضه على أحد هؤلاء العرافين. وبعد أن فحصه هذا قال : سيكون لهذا الولد شأن كبير ، سيكون ملكا فيما بعد». وهذا القول مأخوذ من وثائق غير منشورة عن الخارجي أبي يزد مخلد بن كداد ، من تادمكت. وقد ولد أبو يزد هذا حوالى العام ٨٨٥ م ، إذن وصلنا إلى اليقين بأن غاءو كانت موجودة في القرن التاسع الميلادى. ولربما أن ذكر هذه المدينة قد ورد قبل ذلك لأن الجغرافي الخوارزمي ذكر ، وذلك حوالي العام ٨٣٣ م ، مدينة كوكو ، كونكو أو كانكو ، والتي ربما كانت غاءو. وأخيرا فإن اليعقوبي يذكر ، حوالي العام ٨٧٢ م ، مملكة باسم كاوكاو. وقد أصبحت غاءو عاصمة بلاد سونغائي حوالي القرن الحادي عشر ، عند ما غادر الملك كوكبا ، الواقعة باتجاه السافلة بالنسبة لغاءو. وقد عثر على شواهد يرجع تاريخها لبداية القرن الثاني عشر الميلادي في قبر ملكي مشترك في سانه ، قرب غاءو. والاسم المحلي لمدينة غاءو هو غاءو غاءو. وقد كتبها المؤلفون العرب في القرن العاشر وحتى الرابع عشر الميلادي على شكل كوكو وكاوكاو ، ولكن الكتابة الرسمية فى المغرب الأقصى في القرن الرابع عشر كنت كاغو ، ومنها غاغو التي تمثل اللفظ الصحيح الذي نعثر عليه فى الوثائق الأوربية. ه. ل H.L hote
(٥٢) في الحقيقة ٤٥٠ كم تقريبا وليس ٦٥٠ كم.
(٥٣) إذا وثقنا بقول باشا جودر الذي احتل غاءو سنة ١٥٩١ فإن «بيت رئيس الحمارين (أى رئيس الذين يسوقون الحمير) في مراكش يساوي أكثر من قصر آسكيا».