فترك مشروعه فورا كي يعود ، على عجل ، إلى مملكته. وكان هذا من حسن حظ ملك وانغاره. ويضطر تجار وانغاره ، حينما يسافرون لبلاد الذهب أن يجتازوا جبالا عالية ووعرة لا تستطيع حيوانات النقل اجتيازها. فينظمون أنفسهم كالتالي : يحمل عبيدهم على رءوسهم البضائع والأشياء الضرورية لهم ، والموضوعة في قشور قرع عريضة وعميقة. ويستطيع كل عبد أن يقطع عشرة أميال (٨٣) سيرا وحتى أكثر من ذلك مع حمل مقداره مائة رطل (٨٤) على الرأس. ورأيت منهم من يقوم بقطع هذه المسافة مرتين في نفس اليوم. وليس لديهم شعر فوق الجمجمة بسبب الثقل العظيم الذي اعتادوا حمله. وينقلون ، فيما عدا البضائع الأقوات لسادتهم ولكل العبيد المسلحين والمستخدمين في خراسة التجار (٨٥).
بورنو ومملكتها
البورنو (٨٦) إقليم كبير يتاخم وانغاره في الغرب ويمتد شرقا على مسافة خمسمائة ميل (٨٧) تقريبا ويبعد حوالى مائة وخمسين ميلا (٨٨) عن العين التي ينبع منها نهر النيجر (٨٩). ويتاخم من الجنوب صحراء سو. ومن الشمال يتاخم أيضا الصحارى التي تقابل برقة. ويحوى هذا الإقليم مواقع متنوعة. فبعض المناطق جبلية ، والأخرى مؤلفة من سهول. ويوجد هنا فى السهول العديد من القرى المسكونة بأناس متمدنين وبباعة أغراب ، من سود وبيض. وفي أكبر هذه القرى يقيم الملك مع جنده.
أما الجبل فمأهول برعاة يرعون ماعزهم وأبقارهم. ويزرع فيه الدخن أيضا وبعض الحبوب الأخرى التي لا نعرفها. ويتجول أهل البلاد عراة فى فصل الصيف ، مع فوطة من جلد ، أما في الشتاء فيسترون جسومهم بجلود الأغنام التي يستخدمونها
__________________
(٨٣) ١٦ كم.
(٨٤) ٣٤ كجم.
(٨٥) يبدو أن المؤلف قد خلط هنا ذكريات قراءاته مع معلوماته عن وانغاره في السودان الغربي ، أي رامبوك ؛ بلاد الذهب ، مع ما استطاع أن يعرفه عن وانغاره في السودان الأوسط. وفضلا عن ذلك فإن النقل بواسطة الآدميين هو أمر يمارس في كل إفريقيا السوداء.
(٨٦) بورنو هو إقليم نيجيريا الشمالية الحالية.
(٨٧) ٨٠٠ كم.
(٨٨) ٢٣٠ كم.
(٨٩) يقول المؤلف في كتابه الأول إن النيجر ينبع في صحراء سو ، ساءو ، وهي بحيرة كبيرة جدا ، أي بحيرة التشاد.