(مصر)
لإقليم مصر الشهير (١) من الغرب حد هو صحاري برقة ، وصحراء نوميديا وليبيا ، وتتاخم من الشرق الصحاري الواقعة بين النيل والبحر الأحمر. وتدرك البحر الأبيض المتوسط من الشمال. وتتاخم من الجنوب بلاد البجا ، والأمكنة التي تشغلها على النيل. ويبلغ طولها بين البحر الأبيض المتوسط وبلاد البجا حوالي أربعمائة وخمسين ميلا تقريبا (٢) ، ولكن عرضها شبه معدوم ، لأنه لا يمثل سوى القليل من الأراضي المزروعة التي توجد على ضفتي النيل ، والذي يجري بين جبال يابسة تطيف بالصحاري التي فرغنا من الكلام عنها قبل قليل. والحق يقال إن لمصر بعض العرض قرب البحر الأبيض المتوسط لأن النيل ، على مسافة ثمانين ميلا في عالية القاهرة ، ينقسم إلى فرعين ، أولهما أي الغربي يلتقي بالفرع الرئيسي بعد ان تولد عنه (٣) ، وعلى مسافة ستة عشر ميلا في سافلة القاهرة (٤) ينقسم النيل من جديد إلى فرعين ، يذهب أحدهما إلى رشيد ، والثاني إلى دمياط. وينفصل عن نيل دمياط فرع جديد ينقلب إلى بحيرة (٥) ولكن يبقى ، مع ذلك ، ممر يصل هذه البحيرة بالبحر (٦) وعلى هذا الممر تقع تينس ، وهي مدينة تعود لتاريخ قديم جدا (٧). وبما أن النيل يتشعب بهذه الطريقة نرى مصر تزداد عرضا كما سبق أن قلنا. وكل أقاليم مصر هي عبارة عن سهل خصيب بالغلال والخضر وتملك مراعي ممتازة للمواشي وكمية لا حصر لها من الدجاج والأوز.
__________________
(١) لا يعطي المؤلف إلا هذا العنوان ، أي إقليم ، لأن مصر كانت فعلا في ذلك العصر إقليما من الامبراطورية العثمانية.
(٢) ٧٢٠ كم وهو رقم صحيح تقريبا. بالنسبة للمسافة الواقعة بين البحر الأبيض المتوسط وأسوان على خط مستقيم.
(٣) الواقع ليس للنيل فرعان ، بل على مسافة مائة وثلاث وتسعين ميلا عن القاهرة ، وليس ثمانين ميلا ، ينفصل عنه فرع متعرج ، مواز تقريبا للنهر ، هو بحر يوسف الذي كان يتصل بالماضي بأحد فرعي دلتا النيل في سافلة القاهرة ، والذي يذهب منه قسم لري الفيوم.
(٤) أي ٢٦ كم.
(٥) أي بحيرة المنزلة.
(٦) وهو مصب النيل التانيتي القديم.
(٧) تانيس ، ولم يبق فيها سوى أطلال ، وهي بالفعل فوق جزيرة في بحيرة المنزلة ، على مسافة ٩ كم جنوب شرقي بور سعيد.