وتنتج البحرية القطن والسكر وبعض الثمار المسماة الموز. هذا وسكان الريف ومصر البحرية أكثر تطورا من أهل الصعيد ، لأن هاتين المنطقتين أقرب للبحر ، ويقصدهما غرباء قادمون من بلاد البربر ومن أوربا ومن بلاد آشور : أما أهل الصعيد الذين يعيشون في داخل الأراضي فلا يرون أجانب أبدا. وهم يقطنون فيما وراء القاهرة. وليس من عادة الغرباء ، باستثناء بعض الأحباش ، أن يذهبوا إلى تلك البلاد.
أصل المصريّين وأنسابهم
يعود المصريون ، كما كتب موسى (١١) ، من حيث الأصل إلى مسرائم بن كوش بن حام بن نوح (١٢). ويطلق العبرانيون على هذه المنطقة وعلى سكانها نفس الاسم ، وهو اسم مصريين (١٣). ولكنهم يطلقون على السكان اسم القبط ، ويقولون إن قبط كان أول من حكم هذه البلاد وبنى فيها البيوت (١٤). وأهل البلاد نفسهم يسمون بعضهم بنفس الطريقة (١٥) ولكن لم يبق من هؤلاء المصريين الحقيقيين سوى النصارى الموجودين فيه حاليا. وكل من عداهم فهم من معتنقي الديانة الإسلامية وينتسبون إلى العرب وإلى الأفارقة.
وقد ظلت مملكة مصر لمدة طويلة تحت حكم المصريين ، أى الفراعنة ، الذين كانوا ملوكا عظاما ، وأقوياء جدا كما تشهد على ذلك آثار من أبنية بديعة وعجيبة. ولا زال التاريخ يتكلم عنهم كما يتكلم عن البطالسة. ثم سقطت مصر بيد الرومان فى أعقاب زواج ... (١٦) التي كانت تحكم حينئذ بقائد رومانى كبير ، كما يذكر التاريخ ذلك.
__________________
(١١) منذ عهد قريب لم يعد ينسب إلى موسى كتابة الأسفار الخمسة [يقصد بها الأسفار التي يعتبرها اليهود التوراة ، وهي أسفار التكوين والخروج والتثنية والعدد واللاويين]. انظر كتابنا «الأسفار المقدسة في الأديان السابقة للإسلام» ص ، ١٦ ، ١٧ (المراجع).
(١٢) يشير سفر التكوين فقرة ٦ من الإصحاح العاشر أن مسرائيم هو ابن حام وأخو كوش.
(١٣) والحقيقة أن عبارة مسرى أو مصرى كانت الاسم البابلي لمصر.
(١٤) ألواقع هو أن قبط هو تحريف عربي لاسم قديم جدا حرفه اليونانيون إلى آيجيبتيوه والذى تحول عند الأوربيين إلى إيجبسيان.
(١٥) أي الأقباط.
(١٦) في المخطوط هنا أبيض ، لأن المؤلف لم يتذكر اسم كليوباتره ، التي تزوجت أنطونيو.