خصائص مناخ مصر وتقلباته
هواء مصر مؤذ جدا وحار للغاية. ففي هذه المنطقة لا يهطل المطر إلا نادرا. وتسبب الأمطار عدة أمراض : فيصاب بعض الأشخاص بالحمى والنزلات الصدرية ، في حين يصاب آخرون بتورم الخصيتين بصورة تثير العجب عند رؤيتهما. ويعزو الأظباء ذلك إلى تناول الجبن المملح وإلى ما يأكلونه من لحم الجاموس (٢٦).
وتظهر البلاد ملتهبة صيفا نظرا للحرارة المفرطة في هذا الفصل. ولهذا تبنى في كل المدن مداخن عالية لها فتحة في أعلاها وأخرى في قاعدتها ، وتكون في حجرات البيت. ويدخل الريح من الأعلى ويخرج من الأسفل ويجلب شيئا من البرودة ، ولولاه لتعذر العيش نظرا لاستحالة احتمال السخونة (*). وأحيانا يداهم الطاعون الذي يقتل عددا لا يحصى من الأشخاص ، وخاصة في القاهرة. ويحدث أحيانا أن يموت اثنا عشر ألف شخص يوميا من الطاعون. أما المرض الإفرنجي (٢٧) فلا أظن أن هناك بلدا في العالم قد سبب فيه هذا المرض أضرارا قدر ما سببه في هذه البلاد. فنرى في القاهرة الكثير من الناس الذين فقدوا بعض أعضائهم أو من الذين شوههم هذا المرض. ويتم الحصاد في مصر في بداية نيسان (ابريل) ويتم الدراس في موسمين ، الأول في نيسان أيضا ، والآخر في أيار (مايو) وقبل العشرين من أيار لا يبقى مطلقا أي نوع من الحبوب في الحقول.
ويبدأ النيل في الارتفاع في أواسط حزيران (يونية) (٢٨) ولا يستمر فيضانه أكثر من أربعين يوما ، وتدوم التحاريق أيضا أربعين يوما (٢٩). وفي خلال هذه الفترة التي
__________________
(٢٦) لقد أثار مرض الفيل هذا الذي يصيب الصفن والذي نتج عن دودة خيطية ، أثار دهشة المؤلف كثيرا وتكلم عنه في الكتاب الأول من مؤلفه.
(*) «ويدعى الباذنج في مدينة حلب ، وكان معروفا في البيوت العربية التقليدية حتى مطلع القرن العشرين ، ثم اندثر ، كما هو دارج جدا في مدن الباكستان ، ولا سيما في كراتشي» (المترجم).
(٢٧) وهو الزهري أو السيفيلس.
(٢٨) في القاهرة.
(٢٩) الحقيقة أن النقصان أو التحاريق أو ما يسمى بالصيهود في العراق ، يستمر حتى فيضان العام التالي ، ولكن بعد فترة تتفاوت في طولها يأخذ النهر ، بعد حوالي سبعين يوما بعد بداية الفيضان ، أو حوالي ٢٦ أيلول (سبتمبر) يأخذ في الانخفاض ويسترد مجراه الذي كان عليه في شهر تشرين الثاني (نوفمبر).