أسوارها. وتقوم بعض مزارع النخيل فوق موقعها. وتغذي تمورها بعض فقراء الناس الذين يسكنون أخصاصا منعزلة. ويشاهد برج على ساحل خطر حيث يتحطم العديد من السفن القادمة من سواحل بلاد الشام ليلا التي لا يوجد على دفتها شخص يعرف كيفية الدخول إلى ميناء الإسكندرية ، وحيث تجنح سفن أخرى على الساحل بسبب الظلام الدامس ، ولا يوجد حول هذه البلدة سوى أرباض رملية تمتد حتى النيل.
رشيد ويسميها الطليان روزيتّو
رشيد (٥٤) مدينة على النيل ، في الضفة الآسيوية ، على مسافة ثلاثة أميال من مصب نهر النيل (٥٥). وقد بناها عبد لأحد الخلفاء ، كان نائبا على مصر (٥٦). وفيها بيوت جميلة وقصور مشيدة على ضفة النهر. ولها سوق كبير مليء بالصناع والتجار. وفيها جامع بديع جدا ، جميل المنظر ، وتطل بعض أبوابها على السوق ، والأخرى على النهر الذي يهبط إليه بدرج رائع. ويقع الميناء قبالة الجامع. ومن المألوف أن تتجمع في هذا الميناء بعض السفن الكبيرة التي تحمل البضائع إلى القاهرة.
ولكن ليس لهذه المدينة سور. ولها على الأرجح منظر بلدة كبيرة لا منظر مدينة. ويظهر حول المدينة العديد من المصانع التي يضرب فيها الأرز ببعض الأدوات الخشبية. وأعتقد أنه يقشر فيها وينظف في كل شهر أكثر من ثلاثة آلاف كيل من الرز. ويوجد في خارج المدينة ، ضمن نوع من ربض ، الكثير من البغال والحمير للتأجير لأولئك الذين يريدون الذهاب إلى الإسكندرية. والذي يستأجر أحد هذه الحيوانات لا يحتاج إلى قيادته ، وما عليه إلا أن يتركه يسير وحده وسيذهب به إلى مقصده ، وكذلك الحال في العودة فسيرجع به إلى البيت ، ولا يبقى عليه إلا أن يتركه يذهب وحده إلى حظيرته. وهي حيوانات سريعة جدا حتى إنها لتقطع أربعين ميلا بين الصباح ووقت العصر ، وتتبع دوما ساحل البحر ، حتى إن الأمواج لتضرب أحيانا قوائمها.
__________________
(٥٤) وبالقبطية راشت ، ومنها بالفرنسية القديمة راشو ، وبالإيطالية روزيتّو ، وبالفرنسية روزيت.
(٥٥) في الحقيقة على الضفة اليسرى أو «الضفة الإفريقية ، حسب رأي المؤلف ، على مسافة ٧ كم تقريبا من البحر في ذلك العصر ، وهي مسافة تضاعفت تقريبا حاليا نظرا لمجلوبات نهر النيل من الطعي «التي توقفت بعد بناء السد العالي» (المترجم).
(٥٦) رشيد مدينة قديمة ، ولكن أعيد بناؤها عام ٨٧٠ م في عصر أبي العباس أحمد بن طولون ، حاكم مصر المستقل والذي كان أبوه عبدا لأحد الخلفاء.