الأوربية ، ومعناها التي «تقهر» (٧٠). وقد تأسست في العصور الحديثة على يد عبد من أمة الصقالبة ، واسمه جوهر الكاتب ، كما أظن أني ذكرته في الجزء الأول من هذا الكتاب(٧١).
وأود أن أؤكد أن المدينة ، وأقصد بها المدينة المحاطة بسور ، تضم ثماني آلاف أسرة. وهنا يقيم الناس الميسورون ، وحيث تتدفق عليهم الثروات من كل حدب وصوب ، وحيث يوجد الجامع المشهور المسمى الجامع الأزهر ، أي الجامع اللامع.
وقد قامت المدينة في سهل عند حضيض جبل يدعى المقطّم. ويقع على مسافة ميلين من النيل. وهي محاطة بأسوار حصينة وجميلة مع أبواب بديعة مصفحة بالحديد. وأشهر هذه الأبواب ثلاثة : الأول يدعى باب النصر ، أي باب الظفر ، ويقع في الشرق ، باتجاه الصحراء التي يتجازها المسافر إلى البحر الأحمر ، ويدعى الثاني باب زويلة ، وهو الباب المؤدي إلى النيل ونحو المدينة القديمة (٧٢) ، والآخر يدعى باب الفتوح ويؤدي إلى بحيرة (٧٣) حيث كان يجتمع حجاج مكة قبل سفرهم في قافلة ، وحيث الأراضي المزروعة (٧٤).
وهذه المدينة مجهزة بما يلزم من الصناع والباعة الذين يقيمون على الخصوص في شارع يذهب من باب النصر حتى باب زويلة. وهنا يقيم أكبر جزء من نبلاء القاهرة. ويوجد في هذا الشارع بضع مدارس مدهشة بأبعادها ، وبجمال بنائها ورونقها ، كما توجد فيها بضع جوامع فسيحة وجميلة جدا ، منها جامع الحاكم ، وهو ثالث خليفة من
__________________
(٧٠) صحيح أن هذا هو المعني الدقيق. ولكن الروايات تشير إلى أن هذا الإسم قد منح لها لأنه في اليوم الذي بوشر فيه بناء جدار سورها كان الكوكب المريخ ، وفي العربية القاهر ، كان يمر في خط طوله ، وقد كان لعلم التنجيم أهميته فى الماضي في قضايا تأسيس المدن.
(٧١) يذكر المقريزى أن تأسيسها بتاريخ السبت ٢٣ جمادي الثانية عام ٣٥٩ هجرية. ويجب بالتأكيد تصحيح ٢٣ برقم ١٣ مما يعطي تاريخ السبت ٢٨ نيسان (أبريل) ٩٧٠ م. ويجعل المؤلف من جوهر يوغسلافيا ، بينما يقول الآخرون أنه يوناني ، وكان يسمى أبا الحسن إسماعيل. وجوهر كان اسمه بوصفه رقيقا ، وقد خلد تحت هذه التسمية ، أما الكاتب فكانت وظيفته. انظر الكتاب الأول «ويظهر لنا من العبارة الأخيرة أنه لم يقرأ كتابه بعد أن فرغ من تأليفه ولم ينقحه» (المترجم).
(٧٢) وسمي كذلك باسم جنود جوهر الذين قدموا من زويلة ، وهو ربض مدينة المهدية ، في القطر التونسى.
(٧٣) هي بركة الحاج.
(٧٤) أي نحو المطرية.