وفي القاهرة مستشفى كبير بناه بيبرس ، أول سلطان من المماليك (٨٢). ولهذا المستشفى إيرادات تبلغ مائة ألف أشرفي. ويمكن قبول أي شخص فيه ويجد المريض فيه كل التسهيلات والعناية الطبية ، وكذلك كل ما يحتاج إليه حتى شفائه. ولكن إذا توفي فإن كل أرزاقه تؤول للمستشفى.
ربض باب زويله
وهو ربض كبير جدا يضم حوالي اثني عشر ألف أسرة ويبدأ عند باب زويلة. ويمتد غربا على مسافة ميل تقريبا وجنوبا حتى قلعة السلطان ، وشمالا حتى ربض يدعى باب اللوق (٨٣). ويحوي ربض باب زويلة هذا تقريبا نفس الوجهاء من السكان كما في المدينة. فكثير من السكان لهم دكاكينهم في الربض ومسكنهم في المدينة والعكس بالعكس. وهو بضم العديد من الجوامع والزوايا والمدارس ، وعلى الخصوص المدرسة الشهيرة التي أسسها السلطان الحسن. ولهذه المدرسة من علو قبابها ومن متانة بنيانها الرائع ما يجعلها وسيلة للتحصن والهجوم ، في حالة تمرد سلطان ضد آخر ، فإذا استطاع المتمرد بشيء من الحذق والمهارة أن يحتل هذه المدرسة ، فإنه يتحصن فيها ومنها يهاجم القلعة التي يمسك بها السلطان الآخر ، لأن المدرسة لا تبعد عن القلعة أكثر من نصف رمية من راشقة السهام (٨٤).
ربض جامع طولون
وهو ربض آخر يتاخم السابق من الشرق ، ويمتد غربا حتى الخرائب التي تجاور
__________________
(٨٢) لم يكن بيبرس ، رابع سلطان مملوكي (وهو الذي حكم بين ١٢٦٠ و ١٢٧٧ م) هو الذي أسس هذا المارستان ، بل السلطان السابع ، المنصور سيف الدين قلاوون ، الذي حكم من ١٢٧٩ إلى ١٢٩٠ م. وقد تمت عمارته في ١٢٩٣ م في عهد ابنه. وقد تلاشى المارستان ، غير أن الجامع والمدرسة اللذين كانا يؤلفان مجموعة هندسية وائعة لا يزالان حتى اليوم معروفين باسم جامع ومدرسة قلاوون.
(٨٣) كان ربض باب اللوق في غرب الشمال الغربي بين باب زويلة والنيل.
(٨٤) تعتبر هذه المدرسة من أكثر ابنية القاهرة جمالا وحتى في العالم قاطبة. وتسمى جامع الحسن ، والأحرى أن تسمى مدرسة الحسن وكانت تدرس فيها ، في ذلك العصر ، المذاهب الأربعة في الإسلام السني. وقد شيدت في عهد السلطان الناصر سيف الدين حسن بين ١٣٥٥ و ١٣٥٦ م وبالتدقيق في نفس الوقت الذي كان يجري فيه بناء تلك الدرة الفريدة في الفن الهندسي ، وهي المدرسة الأبوعنانية (نسبة إلى أبي عنان من ملوك بني مرين) في فاس.