عالية مع قباب جليلة. وهي مزدانة من الداخل بنقوش متنوعة وبرسوم ، وأرضها وجدرانها مغطاة بأجود أنواع الزرابي ، ويأتي كثير من أهل القاهرة وأرباضها في صبيحة أيام الجمعة لزيارة هذه الأضرحة ورعا وتبركا ويتركون فيها صدقات عديدة.
المدينة القديمة المسمّاة مصر العتيقة
وهي أول مدينة بنيت في مصر في عصر المسلمين (٩١) وقد أسسها عمرو والي ثاني خليفة ، عمر (٩٢). وقد بناها على ضفة النيل. وهي ليست محاطة بسور ، ولكنها بنيت على شكل ربض كبير يمتد على طول النيل ، وتوجد فيها بضعة قصور عالية ، ولا سيما تلك التي تقع على ضفة النهر. وفيها جامع عجيب ، يدعى جامع عمرو ، ويعتبر مدهشا لجماله وعظمته ومتانته (٩٣). وهذه المدينة مجهزة بما يكفي من صناع من مختلف المهن.
وهنا يوجد قبر السيدة المبجلة جدا لدى المسلمين وهي السيدة نفيسة (٩٤). وقد كانت ابنة المسمى زين العابدين بن علي ، ابن عم محمد (صلّى الله عليه وسلّم) (*). وبعد أن رأت هذه السيدة أسرتها وقد انتزعت منها الخلافة على أيدي أقاربها أنفسهم ، انتابها اليأس ، وغادرت الكوفة ، وهي مدينة ببلاد العرب السعيدة ، وجاءت لتسكن هذه
__________________
(٩١) كانت موجودة قبل ذلك بثمانية أو تسعة قرون باسم بابل ، وربما تأسست على يد جماعة قدمت من بابل وظلت معروفة بهذا الاسم بعدئذ على ألسنة الأوربيين ، وكان سلطان مصر. يحمل حتى ذلك العصر لقب سلطان أو سلطان بابل.
(٩٢) عمرو بن العاص والى مصر من قبل عمر بين الخطاب.
(٩٣) عندما رأى المؤلف جامع عمرو كان هذا قد توسع منذ عهد قريب وجرت عليه تصليحات.
(٩٤) هذا خطأ ، لأن المسجد الذي يحوي ضريح السيدة نفيسة يقع عند أحد أبواب القرافة.
(*) [سلسلة النسب التي ذكرها المؤلف غير صحيحة. فالسيدة نفيسة صاحبة المقام المعروف في مصر هي بنت الحسن الأنور ابن زيد الأبلج ابن الحسن بن علي بن أبي طالب وقد تزوجت من إسحاق بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين. فهي حفيدة الإمام الحسن لا الإمام الحسين وزوجها هو الذي يتصل نسبه بالحسين. ولدت السيدت نفيسة بمكة المكرمة سنة ١٤٥ ه وتوفيت بمصر سنة ٢٠٨ ه. وأنجبت من زوجها إسحاق الذي كان يدعى إسحق المؤتمن ، ولدين هما القاسم وأم كلثوم. وقد كان لها بمصر مجلس علم حضره الإمام الشافعي نفسه وسمع عليها فيه الحديث] (المراجع).