على المخالفين عقوبات يحددها السلطان. وقد تناقل الى مسمعي عندما كنت في إلقاهرة ان هذه الوظيفة كانت تعود بمبلغ ألف أشرفي يوميا ، ولا تأتي من القاهرة فحسب ، بل من كل المدن والمواقع التي وضع فيها هذا الموظف مأمورين وممثلين عليهم ان يكتبوا له.
أمير الحج (١٦٤) ـ وكانت هذه الوظيفة تمثل منصبا عاليا ومهمة ثقيلة. وكان السلطان يعهد بها لأغنى مملوك وأكثرهم أهلية لديه. وكان هذا الشخص قائد القافلة التي كانت تذهب مرة في العام من القاهرة إلى مكة. وهو لا يستطيع أن يقوم بتنفيذ هذه المهمة بدون نفقة ضخمة اذا أراد ان يقوم بهذه الرحلة بأبهة ويسر. وكان يصطحب معه الكثير من المماليك الآخرين لحراسة القافلة. وكانت الرحلة تدوم ثلاثة شهور ذهابا وايابا. ولا يمكن وصف شدة المصاعب ولا كثرة النفقات التي كانت تقع على عاتق هذا القائد ، وذلك بدون تعويض من السلطان ولا من أهل القافلة (١٦٥).
وهناك وظائف أخرى أقل أهمية ، ولا فائدة ترجى من وراء الكلام عنها.
الجيزة
الجيزة (١٦٦) مدينة واقعة على ضفة النيل ، تجاه المدينة القديمة. وتفصلها الجزيرة (١٦٧) عن هذه المدينة. وهي آهلة كثيرا بالسكان المتمدنين. وتحوي قصورا جميلة ، بناها كبار المماليك لمتعتهم بعيدا عن دهماء القاهرة. ويوجد فيها أيضا الكثير من الصناع والباعة ، ولا سيما باعة المواشي. ويأتي العرب بهذه الماشية من جبال برقة. ولا يتم نقل الماشية في المراكب لعبور النهر الا بصعوبة كبيرة ، ولهذا السبب يوجد هنا تجار
__________________
(١٦٤) ويدعى أيضا امير الركاب.
(١٦٥) يروي جان تينوJ.Thenaud ، وهو من الإخوة الفرنسيكان الذي وصل إلى القاهرة في ٢٥ آذار (مارس) ١٥١٢ م ، يروي المشاهدة التالية : «وما إن وصلنا إلى القاهرة حتى دخلت القافلة الكبيرة ، أي الجماعة التي ذهبت الى مكة سواء لجلب البضائع أو للرحلة ، والتي كانت تضم ما بين مائة ومائة وعشرين ألف جمل ، والتي كانت بقيادة الأمير الكبير ، وهو ابن عم السلطان مع مائتي مملوك ، وجلب معه كمية كبيرة من التوابل والأدوية والحجارة الكريمة والعطور».
(١٦٦) الجيزة تعني اتجاه ، أو جانب ، حسب رأي المقريزي.
(١٦٧) أي جزيرة الروضة التي كان فيها مقياس النيل.