العبرانيون من مصر. وهذه المدينة مطمئنة ، ومأهولة بصورة حسنة ، وتضم الكثير من الصناع لا سيما الحاكة (١٨١)
منفلوط
منفلوط مدينة كبيرة للغاية وموغلة في القدم. فقد بناها المصريون وهدمها الرومان. وفي عصر المسلمين استؤنف سكناها من جديد ، ولكنها لا تكاد تبدو مأهولة بالموازنة مع ما كانت عليه في غابر الزمن. ولا تزال تظهر منها اعمدة غليظة ومرتفعة وبوابات كتبت عليها أشعار باللغة المصرية. وبقرب النيل توجد خربة كبيرة هي أطلال بناء فسيح يبدو أنه كان معبدا. ويجد السكان أحيانا مداليات ذهبية وفضية ورصاصية تحمل على الوجه الواحد حروفا مصرية وعلى الآخر صورة ملوك قدامى. والأرض هنا خصيبة ولكن الطقس هنا حار جدا ، وتسبب التماسيح أضرارا جمة. ويعتقد أن هذا هو السبب الذي جعل الرومان يهجرون المدينة (١٨٢). بيد ان سكان منفلوط في رغد من العيش لأنهم يزاولون التجارة مع بلاد السودان (١٨٣).
أسيوط
وهي كذلك مدينة قديمة بناها المصريون على ضفة النيل على مسافة مائتين وخمسين ميلا تقريبا من القاهرة (١٨٤) وهي مدهشة لا تساعها. ولأبنيتها القديمة ، وكتاباتها العديدة ، ولكنها جميعا بحالة خراب وتلف. ومع هذا يمكن التعرف فيها على الكتابات المصرية. وكانت في عهد المسلمين مأهولة بكثير من الفرسان والأشراف.
__________________
(١٨١) لقد اعتبر المؤلف مسبقا أن بيتوم الواردة في التوراة هي مدينة الفيوم ، ويبدو انه اعتبر متاهة هيرودوت على أنها قبر يوسف عليه السلام. ونلاحظ من جهة أخرى أنه قال آنفا بأنه لا يريد الكلام عن الفيوم ، التي يعتبرها لسبب غير مفهوم غير تابعة لإفريقيا.
(١٨٢) تقع مغارة التماسيح بجوار منفلوط حيث عثر بعد اجتيازتيه تحت الأرض من العسير الوصول إليه ، على آلاف من مومياءات التماسيح وأيضا على مومياءات بشرية تعود للعصر الإغريقي الروماني.
(١٨٣) منفلوط واقعة على ضفة النيل اليسرى على مسافة ٣٦٠ كم من القاهرة ، ومن هناك يصعد درب يؤدي لواحة الداخلة ، ومنها إلى واحة الخارجة ، والتي يسميها المؤلف الواحات ، وكان يذهب منها المسافرون إلى السودان الأوسط.
(١٨٤) مسافة صحيحة تماما أو ٤٢٢ كم.