النيء. وسكانها أناس فقراء الحال ، من الزراع. ولكن المدينة تغصّ بالقمح لأنها مستودع البضائع التي تنقل من القاهرة إلى مكة بواسطة النيل.
وبالفعل تقع قنا على مسافة تقارب مائة وعشرين ميلا (٢٠٠) من البحر الأحمر عن طريق الصحراء. ولا يوجد في هذه الصحراء ماء حتى الساحل (٢٠١). ويقوم على الساحل ميناء يدعى القصير (٢٠٢). ويوجد هنا بضع أكواخ لتفر مغ البضائع وجميع بيوت هذا الميناء مبنية بالحصر ويصاد الكثير من السمك في القصير.
وفي مقابل هذا الميناء على الساحل الآسيوي من البحر الأحمر يقوم ميناء يدعى ينبع (٢٠٣). وتتوقف المراكب والقوافل في هذا الميناء للذهاب إلى المدينة حيث يوجد جثمان محمد صلّى الله عليه وسلّم. وتغذي ينبع المدينة المنورة ومكة بالقمح ، لأن هاتين المدينتين تعانيان من شحّ فيه.
اسنا
كانت اسنا تسمى سيان في العصر القديم ، ولكن العرب سموها إسنا لأن اسم سيانة كان يشابه كلمة عربية تعني قبيح (٢٠٤) ، في حين أن اسنا تعني حسنة (٢٠٥). وهي في الواقع مدينة جميلة جدا مبنية على ضفة النيل الإفريقية (٢٠٦). ومع أنها كانت شبه مخربة على أيدي الرومان فقد أعيد بناؤها بصورة حسنة جدا في عصر المسلمين. ولكن بالموازنة مع الأزمنة القديمة تبدو مهجورة ، لأننا لا نزال نرى فيها في الوقت الحالي أسس أسوارها على دائرة واسعة. وسكانها أثرياء بالحبوب وبالمواشي وبالعملة النقدية لأنهم
__________________
(٢٠٠) ١٩٢ كم.
(٢٠١) وهذا غير صحيح تماما فقد أوجد الرومان عدة آبار ليست الآن سوى آثار.
(٢٠٢) أي القصر الصغير على مسافة أربعة أو خمسة أيام من قنا بالنسبة للقوافل.
(٢٠٣) وهو ينبع البحر.
(٢٠٤) «سيان ، وحل المستنقع الآسن» (المترجم). [أو لعل الكلمة كانت قريبة من كلمة «شين» بمعنى قبيح] (المراجع)
(٢٠٥) ليس لهذا التفسير قيمة ، فكلمة سيان هو اسم أسوان القديمة ، أما أسنا أو على الارجح إيسنا ، فهو تحريف للإسم القبطي سنه ، والذي هو نفسه تحريف عن اللغة المصرية القديمة تيسنان.
(٢٠٦) على مسافة ٤٩٦ ميل أو ٩٧٨ كم من القاهرة بالطريق النهري.