الصحارى. ويوجد منها الكثير في صحارى ليبيا حيث يكون لها أبعاد البوّطة (٧٧). وقد كتب الجغرافي البكري في كتابه عن مسالك افريقيا وممالكها ان رجلا طيبا كان في إحدى هذه الصحارى الليبية في إحدى الليالي ، وقد كان مرهقا من طول الطريق التي قطعها ، فرأى بجواره صخرة عالية كثيرا وجد أنه يستطيع أن ينام عليها كي يكون بمنأى عن أذى بعض الدواب السامة. وفي صبيحة اليوم التالي وجد نفسه على مسافة ثلاثة أميال من المكان الذي توقف فيه. فذهل ولاحظ عندها أن ما خاله صخرة كان عبارة عن سلحفاة جبارة تظل ساكنة بلا حراك خلال النهار وتسري ليلا كي ترعى ، ولكن ببطء شديد حتى لا يكاد يشعر به أحد (٧٨). ولم أر مطلقا سلاحف كبيرة بمثل هذا الحجم ، ولكن رأيت مع ذلك بعضا منها لها حجم برميل كبير (٧٩). ويدعي سكان الصحراء أن أي شخص مصاب بالجذام منذ مدة تقل عن سبع سنين ويأكل من لحم هذه السلاحف مدة سبعة أيام فإنه يبرأ. وهم يعرفون عدة وصفات سرية قائمة على خصائص هذا الحيوان. ولكن لن أتكلم عنها ، لان هذا الكتاب الصغير ليس مطولا في الطب (٨٠).
التمساح
ويوجد هذا بأعداد كبيرة في نهري النيجر والنيل. وهو حيوان شرير ومؤذ للغاية. وطوله اثنا عشر ذراعا (٨١) ، ولا يقل طول ذيله عن طول بقية جسمه. ولكن من النادر أن نجد من مثل هذه الأبعاد. وله أربعة أطراف وله شكل الحرباء تماما. ولا يزيد ارتفاعه عن ذراع ونصف (٨٢). ويبدو الذيل وكأنه مؤلف من زمرة من
__________________
(٧٧) مكيال للخمر في عصره أو ٤٦٥ ، ٩٣٣ ليترا أو قرابة المتر المكعب.
(٧٨) تتعلق الرواية في نص البكري بالسلاحف الجبارة من برية وبحرية بالتأكيد ، ولكن الحكاية ليست على الوجه الذي ينقله المؤلف. فهو يتكلم عن مسافر أراد أن يضع أمتعته في مأمن من الأرض فطرح حملي جمله فوق ما اعتقد أنه صخرة كبيرة ولم يجد شيئا في الصباح عند بزوغ الفجر. فلحق بأثر السلحفاة ووجدها بعد بضعة أميال عن مكانه الأصلي ولا زالت أمتعته على ظهرها.
(٧٩) البرميل هو سدس البوطة وكان يعادل ٣٤١ ، ٥٨ لترا.
(٨٠) لقد كانت خصائص لحم هذه السلاحف في معالجة الجذام مقبولة في ذلك العصر ، وحتى في أوروبا ، فقد استعان الملك لويس الحادي عشر ، الذي ظن نفسه مجذوما ، بهذا العلاج (حكم من ١٤٦١ إلى ١٤٨٣ م).
(٨١) ٨ م.
(٨٢) ١ م.