حجما. وما أن تضع بيضها حتى تنسى المكان الذي تركتها فيه لضعف ذاكرتها. وينتج عن ذلك أن الأنثى ما أن تجد أيّ بيض كان ، سواء كانت لها أم لغيرها ، فإنها تحضنه وتدفئه وما أن تفقس الفراخ حتى تنطلق في البرية باحثة عن غذائها. وهي سريعة جدا في العدو حتى قبل أن ينبت ريشها ، حتى ليتعذر الإمساك بها. والنعامة بليدة وليس لديها أي إحساس من طرف أذنيها ، فهي صمّاء (٩٦). وتأكل النعامة كل ما تجد ، حتى الحديد. ولحمها منفّر ولزج ولا سيما لحم الفخذين. ومع ذلك تؤكل اعداد كبيرة منها في بقاع نوميديا ، لأنهم يمسكون هناك بصغارها وتعلف وتسمّن ، كما سبق أن قلنا (٩٧). وتسير هذه الطيور في الصحراء على شكل قطيع ، الواحدة خلف الأخرى. ومن يراها من بعيد يخالها رتلا من الخيّالة ويتسبب هذا في حدوث قلق كبير وذعر شديد لدى رجال القوافل. وقد أكلت أنا أيضا من لحم النعام عند ما كنت في نوميديا ، ولم أجده رديئا جدا.
النسور (*)
تضم هذه الطيور بضعة أنواع متميزة حسب خصائصها ، وقامتها ، ولونها ، ويسمى النوع الأول الرئيسي منها «النسر» باللغة العربية (٩٨).
النسر
وهو اكبر طير موجود في افريقيا. وهو أكبر من الكركي ، ولكن قائمتيه ورقبته ومنقاره أقل طولا ويرتفع في الجو عند ما يطير إلى ارتفاع يختفي فيه فلا يرى ، وعند ما يرى جيفة ينقضّ عليها فورا. وعند طيرانه يكون دوما ضمن جماعة تضم بضعة نسور أخرى ، وهو يعمّر كثيرا ، ويتساقط ريشه كلما تقدم سنه ، حتى ليبدو المعمر دون أية
__________________
(٩٦) هذا غير صحيح. فقد رأينا حارس حظيرة لتربية النعام وهو يقوم بجمع فراخها لإعطائها غذاءها باستعمال قرقعة صفيحة بنزين فارغة ، وكان تتراكض بسرعة رائعة كتلك التي يذكرها المؤلف.
(٩٧) انظر القسم السادس ، بحث وصف الدرعة.
(*) [المشهور بأن ذكور النعام هي التي تقوم بحضانة البيض. وذلك أن طائفة من الإناث تجتمع في مكان ما وتبيض كل واحدة منها بيضة فيه ، ثم تنتقل إلى مكان آخر وتبيض فيه مجتمعة كذلك ، وهكذا حتى تفرغ ما في عنا قيدها من بيض ، ثم تأتى الذكور وتتوزع على هذه المواضع وتقوم بحضانة ما فيها من بيض. انظر كتابنا «غرائب النظم والتقاليد والعادات» خاتمة الجزء الثاني بعنوان «غرائب النزعات الاجتماعية الفطرية عند الحيوان» الجزء الثامن صفحة ١٥٨. (المراجع).
(٩٨) أو النسر الأصلع Vautour باللغة الفرنسية.