يساوي عشرة أضعاف ما دفعناه له رسم مرور. وقد كان هذا الأمير نبيلا وبشوشا في تصرفه وفي حديثه. ونظرا لعدم فهمه لساننا ، وعدم فهمنا لغته ، فقد كان من اللازم أن يكون بيننا ترجمان. وهذا النمط من المعيشة والعادات التي وصفناها لدى هؤلاء القوم مطابق لما تسير عليه القبائل الأربع الأخرى المبعثرة في صحاري نوميديا.
نمط حياة العرب الذين يسكنون إفريقيا وعاداتهم
للعرب عادات مخثلفة وأنماط حياة متباينة بقدر اختلاف المناطق التي يسكنونها.
فالعرب الذين يعيشون في نوميديا وفي ليبيا يحيون حياة بائسة وهم في فقر شديد.
ولا يختلفون في ذلك عن السكان الأفارقة الذين سبق لنا الكلام عليهم. ولكن يمتازون عنهم بشجاعة كبيرة. ويمارسون تجارة الابل في بلاد السودان ولديهم أعداد كبيرة من الخيول ، تلك الخيول التي نسميها في أوربا الخيل العربية. ويذهب هؤلاء العرب باستمرار لصيد الوعل (١٤٨) ، والحمار الوحشي ، والنعام واللمت (١٤٩) ، والمها (١٥٠) والحيوانات الأخرى.
هذا ويجدر أن نشير إلى أن لدى القسم الأعظم من العرب في نوميديا شعراء مديدون ينظمون قصائد طويلة يتكلمون فيها عن حروبهم وعن قنصهم وعن أمور الحب وذلك مع أناقة وعذوبة كبيرتين وتكون الأبيات مقفاة كأبيات الشعر العامي في إيطاليا. وهؤلاء الناس كرماء ولكن ليس لديهم أي مورد لدعم شهرتهم وممارسة الكرم ، لأنهم يفتقرون إلى كل شىء في هذه الصحارى. ولباسهم مثل النوميديين. ونساؤهم وحدهن هن اللواتي يتميزن ببعض الاختلافات في اللباس عن النساء النوميديات ، أي البربريات.
وكانت الصحاري التي يسكنها هؤلاء العرب ، في الماضي ، بأيدي أقوام إفريقية ، ولكن حينما نفذت القبائل العربية إلى إفريقيا ، طردت منها النوميديين بقوة السلاح.
__________________
(١٤٨) لم يكن ثمة وعول في إفريقيا ، ويقصد المؤلف بذلك بعض الغزلان الضخمة المسماة ودّان في ليبيا أو غزال داما ـ وفي المناطق الأخرى يكون هذا الحيوان هو التيس الوحشي.
(١٤٩) وهو غزال ضخم يدعى أوريكس في اللغة الفرنسيةoryx
(١٥٠) أو الغزال الأبيض ويسمى أيضا بقر الوحش.