نوع من سروج مصنوعة على شكل قفة مغطاة بزرابي بديعة جدا (١٥٨) ، وهذه القفاف صغيرة جدا حتى إنها لا تتسع لأكثر من امرأة واحدة. وعندما ينفرون لحروبهم ينطلقون إليها بصحبة نسائهم كي يستمدوا من وجودهن الشجاعة وحتى يذهب عنهن أكبر قدر من الخوف (١٥٩).
ومن عاداتهن أن تخضب المرأة وجهها وصدرها وذراعها ويديها حتى نهاية الأصابع ، وذلك قبل الذهاب لرؤية زوجها ، لأن في ذلك تعبيرا عن الذوق الرفيع للغاية. وقد انتقلت هذه العادة إلى عرب إفريقيا بعد أن جاءوا ليستوطنوا فيها ولم تكن معروفة لديهم قبل ذلك. ولكن هذه العادة غير مألوفة عند سكان المدن ولا عند وجهاء البربر إذ تحتفظ نساؤهم ببياض وجوههن الطبيعي. ولكن من الصحيح القول أيضا بأن نساءهم تستعملن خضابا مركبا من سخام الدخان لجوز العفص او الزعفران يضعن منه فوق وسط الخد ، ويرسمن به زينة مدورة كالدرهم كما يرسمن به مثلثا فوق الحاجب. أما على الذقن فيرسمن شكلا يماثل ورقة الزيتون. وتعمد بعضهن إلى صبغ الحواجب تماما (١٦٠). ويمدح الشعراء العرب والوجهاء هذا الزي كما نعتبره النسوة نوعا من الأناقة والظرف. ولكنهن لا يحتفظن بهذا الخضاب لأكثر من يومين أو ثلاثة لأنهن لا يستطعن مقابلة الأبوين ما دام على وجوههن. ولكن للزوج وللأبناء الحق في رؤية المرأة في هذه الحالة ، لأنهن يصنعن هذا كي بصبحن أكثر إثارة ، ويتصورن أن هذا الزي يؤدي لزيادة جمالهن بشكل فريد.
العرب الذين يسكنون الصحارى الواقعة بين بلاد البربر ومصر
تبدو حياة هؤلاء العرب بائسة تماما لأن الأصقاع التي يسكنونها عقيمة وكالحة.
__________________
(١٥٨) وهو الهودج.
(١٥٩) تدعى هذه القفة باصور وهي لا تزال دارجة الاستعمال ومتنوعة الشكل والأبعاد باختلاف القبائل ، ولمعظمها مقعدان ، وتعنى كلمة باصور عند قبائل المغرب ما يفيد الرصد من بعيد ، أو مرصد. وفي أيام الاحتفالات الحالية التي تجري في جنوب الجزائر ، والتي فيها تمثيل للمعارك الحربية بين الاعراب ، يحارب الرجال بعضهم بعضا وهم فوق خيولهم ، في حين تظل النساء معتكفات ضمن البواصير فوق جمال مزدانة بأبهة ، وهن يشهدن الهجمات الحماسية التي يقوم بها المحاربون ويطلقن زغاريد حادة.
(١٦٠) «وهي عادة كانت مألوفة حتى حوالي ثلاثين عاما لدى نساء بلاد الشام ، وهذا الخضاب المصنوع من دخان العفص كان يسمى الخطاط ...» (المترجم)