هذه البلاد. (١٨٥)
غير أنه كانت هناك بين البربر ولا زالت بدع جديدة ومذاهب شتى. وآمل ان أتمكن بعون الله عن معالجة كاملة لقضية الدين الإسلامي في كتاب آخر عند فراغي من هذا ، وذلك فيما يتعلق بالنقاط الجوهرية والاختلافات التي تلاحظ في مجال هذا الدين بين مسلمي افريقيا ومسلمي آسيا. (١٨٦)
الكتابة التي يستعملها الأفارقة
يعتقد المؤرخون العرب بصورة جازمة أن الأفارقة لم يكن عندهم اية كتابة سوى الحروف اللاتينية. ويقولون ان العرب عندما فتحوا افريقيا لم يعثروا فيها على كتابة بغير اللاتينية. وهم يقرون تماما بأن للأفارقة لغة خاصة بهم ، ولكنهم يلاحظون انهم يستخدمون الحروف اللاتينية على العموم ، تماما كما يفعل الالمان في أوربا فكل الكتب التي بحوزة العرب عن افريقيا مترجمة عن اللغة اللاتينية. وهي مؤلفات قديمة كتبت طبعا في عصر الآريوسيين وغيرهم من قبل. وأسماء مؤلفيها معروفة ولكنني لا أذكرهم الآن. وأعتقد ان هذه المؤلفات كانت طويلة جدا ، لأن من عادة مترجميها القول : «ان تلك القضية معروضة في ستين كتابا». والحقيقة ان العرب لم يترجموا هذه الكتب حسب
__________________
(١٨٥) يظهران عرب الفتح لم يرغبوا في أكثر من دخول الزعماء المحليين في الإسلام ، فعلى الرغم من الدعوة الإسلامية ، لم يكن من مصلحتهم أن يتلاشى النصارى واليهود ، وهم الذين يدفعون الضرائب ويزاولون المهن. إذن كانت الرافضة المشارقة ، وقد وصل هؤلاء وهم مفعمون بإيمانهم الجديد ، وراغبون في الحصول على قوى دفاعية هجومية فقاموا بدعاية مكثفة. وكان اول من وصل على وجه الدقة ، أي اللاجئون الى المغرب بسبب الاضطهاد وهم الذين ادخلوا جماهير البربر الإسلام ، الى جنوب بلاد البربر ، الخوارج حوالي القرن السابع الميلادي ، ومنذ عام ٧٤٠ م كان لهم أتباع امتدوا حتى طنجة ، كما كان منهم بين جيوش المسلمين في اسبانيا. وفي ٧٥٧ م أسسوا الإمارة الصفرية في سجلماسة ، وفي ٧٦١ م أسسوا الخلافة الأباضية الوهبية في تاهرت. ويعتقد عموما أن البربر الذين اصبحوا امام الخيار بين الإسلام السني والعقيدة الخارجية التي جاء بها اللاجئون السياسيون ، رجحوا الأخيرة ، لأنها اكثر انسجاما مع مزاجهم الديمقراطي والعصيان. وهذا الخيار لم يعرض عليهم إذ كانت الدعاية الإسلامية الخوارجية اكثر نشاطا واتساعا بما لا يقاس من الدعوة السنية ، ولا سيما في الجنوب. وإذا كان اليهود قد ناهضوا الدعوة بنوعيها فإن النصارى لم يكونوا يشكلون أكثر من جماعات محلية راحت تتفتت وتتلاشى تدريجيا. وقد خمد آخرها حوالي القرن الحادي عشر أو الثاني عشر ، ونالت الضربة القاضية على يد حركة المرابطين الإصلاحية.
(١٨٦) وسنرى فيما بعد ان المؤلف قد وضع هذا المشروع قيد التنفيذ في نفس الوقت الذي كان يدبج فيه «الوصف» الذي بين ايدينا.