كانون الثاني (يناير) حيث يكون البرد على أشده. ولكن هذا يكون في الصباح فقط ، كما في غيرها من الأماكن ، بحيث لا يحتاج الإنسان لإيقاد النار كي يصطلي. ولكن الطقس يتبدل احيانا خمس مرات أو ست مرات في اثناء النهار. وفي آذار (مارس) تهب رياح عنيفة من الغرب وفي الشمال تخصب الأرض وتكون الأشجار مزهرة. وفي نيسان (ابريل) وعندما تمر الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر أيار (مايو) تقطف ثمار التين الناضجة كما في الصيف. ويأخذ العنب في النضج في الاسبوع الثالث من حزيران.
وتنضج كل ثمار التفاح والكمثرى والمشمش والخوخ في حزيران وتموز (يونيه ويوليه) وتكون ثمار التين الخريفي ناضجة في آب (أغسطس) وكذلك العناب. ولكن تكثر في أيلول (سبتمبر) ثمار التين والدراق. وبعد منتصف شهر آب (اغسطس) يأخذ الناس بتجفيف العنب تحت الشمس. وإذا هطل المطر في أيلول (سبتمبر) يصنع من العنب الباقي خمر أو سلاف مطبوخ ، ولا سيما في إقليم الريف ، كما سنشير الى ذلك عند كلامنا عن هذا الإقليم. (٢٠٩)
وفي شهر تشرين الأول (اكتوبر) تجنى ثمار التفاح والرمان والسفرجل وأخيرا الزيتون في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) ولا يتم جنى الزيتون بوساطة سلم يركز على الشجرة ويقطف الثمر باليد كما يحدث في أوربا ، إذ لا يمكن صنع سلالم عظيمة الطول تكفي للوصول إلى أعالي هذه الاشجار ، لأن أشجار الزيتون في هذه المنطقة ضخمة وكبيرة جدا ، ولا سيما في قيصرية وموريتانيا. ولكن أشجار الزيتون في تونس تكون مماثلة لأشجار أوربا. وعندما يبدأ الناس جنى الزيتون يصعدون الى الاشجار ومعهم عصى طويلة جدا يضربون بها الأغصان لإسقاط الثمار. ويعرفون أن في صنيعهم هذا ضررا للأشجار لأنهم بهذه الطريقة يتلفون البراعم وكثيرا من الأغصان الصغيرة الفتية. وفضلا عن ذلك يحدث أن يكون الزيتون في افريقيا وفيرا جدا في عام وفي عام آخر يفتقده الناس فلا يرون حبة واحدة. وهناك بعض أنواع الزيتون الكبيرة لا تصلح لصنع الزيت ، ولكن تؤكل مصبرة في كل الفصول.
__________________
(٢٠٩) يصنع الخمر حسب الاسلوب المألوف. أما السلاف المطبوخ ، أو السامت ، فهو عصير عنب يتوقف تخميره في فترة معينة وذلك بوضع الجرار المليئة به في الزبل ، مما يرفع درجة حرارته ويساعد على نضجه وتركيزه ، ويتشكل منه شراب يحبه الناس هنا كثيرا.