القمح لمقايضتها بالتمور.
وإذا تبدل الطقس في صحراء ليبيا في أواسط آب (أغسطس) ، وإذا استمرت الأمطار حتى تشرين الثاني (نوفمبر) وحتى في اثناء شهر كانون الأول (ديسمبر) وفي كانون الثاني (يناير) وفي قسم من شباط (فبراير) فإن ذلك يؤدي الى وفرة العشب. وحينئذ نجد في كل ليبيا العديد من البحيرات ويكثر الحليب. وهذا هو السبب الذي يجعل تجار بلاد البربر يقومون برحلتهم في هذه الفترة ، وهي رحلتهم الى بلاد السودان.
وتبدأ الفصول في هذه البلاد في وقت مبكر. وتظهر أوائل الامطار في نهاية تموز (يوليه) ولكن لا يسقط الكثير من المطر ، ويتصف مطر بلاد السودان بتلك الخاصية ، وهي أنه لا يفيد ولا يضر. والواقع تكفي مياه النيجر لزراعة الحبوب ، ففيضان النهر يطرّي الأرض ويخصبها ، تماما كما يفعل النيل في مصر. ومن الصحيح القول أنه تكون هناك حاجة للمطر في بعض الجبال. ويحدث فيضان النيجر في ١٥ حزيران (يونيه) ويستمر أربعين يوما. وفي فترة الفيضان يمكن التجوال في المراكب في كل بلاد السودان تقريبا ، إذ في ذلك الوقت تتحول كل السهول والأودية والحفر الى مجار مائية. ولكن من الخطر جدا ركوب مراكب كالتي يستعملها أهل البلاد ، كما سأعرض لذلك في الجزء الخامس من هذا الكتاب. (٢١٧)
قصر أمد الحياة وطوله عند الأفارقة
تصل أعمار الناس في كل مدن بلاد البربر وأريافها الى خمس وستين وحتى سبعين عاما : والقليل منهم من يعيش أكثر من ذلك. غير أننا قد نعثر في جبال البربر على أناس يبلغون المائة عام وبعضهم يتجاوزون ذلك. ولهؤلاء كهولة قوية ونضيرة. فقد رأيت بالفعل بعض سكان الجبال في سن الثمانين وفوق ذلك. وهم يحرثون الأرض ويعزقون الكرمة وينجزون ببراعة مدهشة الأعمال الأخرى التي تكون مفيدة لهم. وأكثر من ذلك
__________________
(٢١٧) لما كان المؤلف قد عدل مخططه ، فنجده في كتاب السابع ، في معرض كلامه عن جنّه ، يقول بضع كلمات عن المراكب المصنوعة من نصف جذع شجرة مجوف ، والتي يستخدمها تجار تومبوكتو لنقل سلعهم الى جنة في فترة الفيضان. ويختلف نظام نهر النيجر الهيدرولوجي كثيرا عن نظام النيل ، فالحد الأقصى للفيضان يقع في كانون الاول وكانون الثاني (ديسمبر ويناير) في عقفه النيجر قرب تومبوكتو ، وتكون المسطحات الغارقة واسعة ، ولا سيما في الدلتا الداخلي في عالية تومبوكتو.