فقد رأيت في الأطلس شيوخا من نفس السن يشتركون في المعارك ، ويناجزون الشباب بشجاعة ، وكان الكثير منهم من المنتصرين. ويكون للناس في بلاد النخيل حياة طويلة أيضا ، ولكنهم يفقدون أسنانهم ويقل نظرهم كثيرا ، وينجم سقوط الأسنان من كثرة أكلهم للتمر ، وينتج قصر بصرهم من ان هذه البلاد تكون عرضة لريح شرقي يدفع بالرمل ويثيره بحيث يهيج الغبار العيون ويتلفها مع الزمن (٢١٨).
ومتوسط أعمار أهل ليبيا يقل عن متوسط الأعمار لدى أهل المناطق السابق ذكرها.
ولكنهم أقوياء البنية وأصحاء حتى سن الستين أو ما يقارب ذلك ، ولكن يجب أن نضيف الى ذلك أنهم رشيقو البنية وممشوقو القوام. والحياة في بلاد السودان أكثر قصرا من حياة الناس من الاجناس لأخرى. ولكن هؤلاء يظلون دائما أقوياء البنية وأسنانهم صلبة ، ويحتفظون بها سليمة. وهم أناس يتصفون بفرط الشبق ، وكذلك حال سكان ليبيا وأهل نوميديا. أما سكان بلاد البربر فلهم على العموم مزاج أقل تطرفا.
اكثر الأمراض شيوعا عند الأفارقة
من الشائع رؤية مرض القرع فوق رؤوس الأولاد الصغار وفوق رؤوس النساء البالغات ، ويعانون الكثير في سبيل شفائه ، كما يصاب الكثير من الرجال بآلام الرأس التي تعتورهم أحيانا دون أن يصابوا بالحمى. وتكثر أوجاع الأسنان بصورة كبيرة بينهم. والمعتقد أن سببها يرجع الى أن الناس يشربون المأ البارد فور تناولهم حساء ساخنا. ويشكون أيضا من آلام المعدة التي يسمونها عن جهل آلام القلب.
وكثيرون منهم يتألمون في كل ايامهم من الزحار ومن آلام شديدة في الاحشاء ، ويعود هذا أيضا للماء البارد الذي يشربونه. هذا ويكثر الذين يشكون من أمراض عرق النساء وأوجاع الركبة. وتنتج هذه من عادة الناس هناك الجلوس على الأرض دون لبس أي نوع من السراويل. وهناك القليل من الأشخاص الذين يشكون من النقرس ، غير انه يلاحظ وجوده لدى بعض الأمراء المصابين به لأنهم ألفوا شرب الخمر وأكل الدجاج أو الوجبات اللذيذة. ويؤدي استهلاك الكثير من الزيتون والجوز وبعض الأطعمة الغليظة
__________________
(٢١٨) يجهل المؤلف طبعا طبيعة التراخوم ، وهو المسئول في الغالب عن الرمد في الواحات ، ولكنه يجد في الرياح الرملية مساعدا رئيسيا.