المداخيل. بصفة عامّة وخلافا للعهد الأموي ، كان البلاط العبّاسي يستهلك أموالا طائلة ويوزّع مبالغ هامّة على القوّاد وكلّ من يخدم الدولة.
أمّا بالنسبة لبيت المال ، فلا نرى مدى ارتباطه بالبيت المال المركزي خلافا لما قاله لي تورنو بكونه تبعا لبيت مال دمشق ثمّ بغداد (١).
فقد بقي تحت تصرّف الوالي الذي يأخذ منه ما هو لازم للمصاريف المحلية ويرسل ما تبقّى إلى العاصمة.
هنا فقط تكمن العلاقة بين بيت المال المحلّي وبيت المال المركزي ، لكن من الممكن أن قدّمت حسابات للمصاريف إلى الإدارة المركزية في الفترة العباسية.
ماذا تعطينا هذه اللوحة العامّة عن الإدارة الإفريقية؟ وأية صورة نستخرج من ذلك؟ إنّ تنظيم إفريقية مماثل تماما لتنظيم الولايات الأخرى داخل إمبراطورية حقيقية مندمجة. فهي مهيكلة وهي محتوية على الأجهزة الأساسية المعهودة ، ولا نرى هنا أية خصوصية تطبع هذه الرّقعة. وليس حتّى من الضروري أن تكون الإمكانات البشرية والمالية أصغر حجما ممّا كانت عليه في ولايات أخرى ، باستثناء مصر والعراق وخراسان. إنّما كانت الولاية مقطّعة بين إفريقية ـ بما في ذلك طرابلس والزّاب ـ وبين بقيّة المغرب الشاسع ، عالم القبائل. فإفريقية ، بالمعنى المحدود ، كانت المركز والنّواة والمعتمد في الإدارة. لكن بالمعنى القانوني كانت تضم كلّ المغرب وأيضا الأندلس إلى حدود تكوّن الإمارة الأموية.
ويبدو واضحا أنّ الإرث البيزنطي لعب دوره في فترة أوّلية ، ثم اختفى عند ما تعرّبت الإدارة. فأضحت الولاية بدواليبها ، باللغة المستعملة وبالآليات التي تحكمها خاضعة للنموذج الإسلامي العامّ.
الإدارة الجهوية
بالرّغم من قلّة المعلومات في نصوصنا ، وبالرّغم من أنّ هذه
__________________
(١) دائرة المعارف ، ط : ٢ ، مادة" بيت المال" (القسم الخاصّ بالغرب الإسلامي).