الأساس في توسّع إفريقية البحري في المتوسّط ، وكذلك في ازدهارها التجاري البارز.
تعود صناعة الأبسطة إلى آخر عهد الولاة ، مع أنها تقليد محلّي قديم فلم يكن بإمكانها تجنّب التأثير المشرقي. ومقابل ذلك ، مثّل إنتاج النسيج والقماش الرّفيع أمرا جديدا أوجدته حاجيات ديوان الطّراز ، الذي كانت تبعث ورشاته في إفريقية بعيّنات مصنوعة خصيصا إلى الخليفة مروان الثاني بدمشق ، وهذا ما تشهد به قطعة ما زالت محفوظة إلى أيامنا هذه (١).
وأصبحت التجارة مع العرب أحد الأنشطة الأكثر ازدهارا في البلاد. فقد انتعشت الأنشطة التجارية وأعمالها في كل مكان استقرّ فيه الإسلام بالفعل. وكان في ذلك يعتمد على إحياء التقاليد القديمة مضيفا إليها أخرى جديدة. على الصعيد الجهوي ، كانت التجارة تخضع كثيرا للإنتاج الفلاحي والحرفي ، بالقدر الذي تخضع فيه لهيكل الشبكة الحضرية وأمن الطّرقات. ففي أغلب المدن المهمّة نوعا ما ، كانت تقوم علاقات بين ريفيي المناطق المحيطة والسكان الحضريين. وعلى صعيد العلاقات ما بين الجهات ، كانت باجة فيما يتعلّق بإنتاج الحبوب ، وتوزر وقابس بالنسبة إلى إنتاج التمور تمثل مراكز الإشعاع التجاري. ذكر لنا في أوج القرن الثاني بالنسبة إلى تونس وجود سوق مجاور لجامع الزيتونة. وقامت القيروان خاصة بحكم ارتفاع عدد سكانها ورفعة منزلتهم بدور جاذب على المستوى الجهوي والمحلي ، وذلك أكثر من أيّة مدينة أخرى. ففي هاتين المدينتين ، نشأت الأسواق وتطوّرت في البداية بصفة عشوائية مثل سوق إسماعيل الأنصاري الذي أنشئ سنة ٧١ ه ، بجوار الزيتونة مسجده الخاصّ ، وسوق ابن المغيرة ، وسوق بني هاشم. ويحتمل أن يعود إنشاء السّوق المركزية إلى عهد هشام بن عبد الملك (١٠٥ ـ ١٢٥) الذي أقيم على السّماط (٢) ، وهو طريق أوسط بجانب
__________________
(١). G. Wiet, L\'exposition Persane de ١٣٩١, op. cit., pp. ٥ ـ ٥٣
(٢) البكري ، المسالك والممالك.