يتكوّن هذا الخزان من حوضين لهما بعدان مختلفان لكل منهما شكل دائري ، أحدهما مقترن بالآخر ، ويستعمل الأصغر منهما لتصفية المياه ، أمّا الأكبر فيستعمل لخزنها.
لم يوجد في العهد القديم ، ولا في الشرق الإسلامي ، إنجاز شبيه لهذا ، ممّا يجعلنا نعتبره إذن إنشاء خاصّا بإسلام إفريقية بالرّغم من أنه يمكن إدراك بصمات مصر القديمة على هذا الشكل من الفن المعماري المتعلق بالمنشآت المائية.
هكذا يتبيّن أن ولاة الأمويين كانت لهم سياسة مائية واعية وذكية سوف يتابعها ولاة العباسيين مثل هرثمة بن أعين الذي حفر بئر روطة (الذي حرّف برّوطة). وأكثر من هذا حدث مع الأمراء الأغالبة الذين ارتكزوا على عادة مترسّخة فأقاموا بناءاتهم بسهولة. وقد كانت هذه البناءات أكثر فخامة وجاذبية دون أن يكون لها نفس التركيبة ونفس مصدر الإلهام.
لقد كان الفن المعماري في إفريقية إذن في أوج مخاضه خلال القرن الثاني ، باحثا عن ذاته في التأليف بين التأثيرات السورية المصرية والتقاليد القديمة للبلاد. ويمكن أن تشهد صومعة الجامع الكبير على هذا إذا ما ثبت أنها سبقت القرن التاسع ميلادي. خاصّة وأنه إلى جانب ماجل إفريقية الأصلي ، كان الرّباط قد ظهر في آخر الفترة التي تهمّنا بالدرس ، طارحا نفسه كابتكار محلي استمد أصالته من تصوّره أكثر من غايته.
لقد شيد هرثمة ، المشيّد الكبير رغم قصر إقامته في البلاد ، رباط المنستير في ١٧٩ ه / ٧٩٥ م. وقد استلهم في هذا التشييد من الدّير البيزنطي ، غير أنه كيّف هيكله مع الذوق الشرقي وحاجات الجهاد والصلاة. ولم يبق من نواة هذا الرّباط الأولي سوى النصف الجنوبي.
لقد كان شكل البناء شكلا مربّعا محصنا بثلاثة أبراج مراقبة ومحتويا على قاعة صلاة مقسّمة إلى حجيرات بسيطة ومجهّزة بمقاعد حجرية تحيط بساحة وسطية.