الأندلس برهائن البربر ، ممّا يعني أنّهم كانوا يمثّلون عددا كبيرا وأنّه منحهم هدفا للقتال والغنيمة.
وتتردد المصادر بخصوص الفتح الأوّلي للأندلس أو قسم منها أكان عن أمر من موسى بن نصير أو عن مبادرة شخصية من طارق. الذي لا شكّ فيه أنّه تمّ بعد مفاوضة مع" ملك الجزيرة الخضراء وجهتها يوليان" وبطلب منه وإعانة هامّة أيضا. يوليان هذا على الأرجح من الرّوم لأنّ البيزنطيين أعادوا غزو إسبانيا وتمكّنوا من البقاء في الجنوب ، على أنّ هذه الرّقعة حدث الاستيلاء عليها شيئا فشيئا من طرف الجرمان" الفيزيغوط" وملكهم" روذريق" وعاصمتهم طليطلة ، وكان حكمهم يضمّ غالب إسبانيا والوسط بالخصوص. ماذا حدث بين روذريق ويوليان حتّى يساند العرب على ولوج إسبانيا مساندة قويّة إلى درجة أنّ جيش طارق عبر" فوجا بعد فوج (١) في مراكب يوليان"؟ على كلّ عبر طارق مع جيشه المتركّب كليّا أو بأغلبية ساحقة من البربر ، وحصلت معركة حاسمة مع روذريق سنة ٩٢ ه / ٧١١ م على وادي" لكّه" (٢) من كورة شذونة. أمّا خرافة المراكب المحروقة ، فلا ترويها أبدا المصادر الجدّية.
فالذي قام به طارق مهمّ جدا : العزم على غزو الأندلس ، تكوين قوّة ضاربة من البربر ، الفوز في معركة حاسمة على الجيش الفيزيغوطي. فهو صاحب المبادرة والعمل الأوّلي الأساسي. وأتى موسى بن نصير مسرعا ومعه جيش من العرب والبربر ، وهنا يمكن أن يقال إنّ العرب دخلوا لأوّل مرّة إلى الأندلس. ومجيء موسى مرتبط أساسا بالغنيمة وجمع الأموال والسّبي وكان هذا همّ الحكم الإسلامي سواء بإفريقية أو بالمركز ـ هنا دمشق ـ ومن هنا أتى حنقه على طارق زيادة على كونه أخذ المبادرة بدون أمر من موسى ونجح في عملية الغزو الأوّلي. لكن مع هذا واصل موسى عمليات الفتح في الجنوب الغربي فأخذ قرمونة وماردة
__________________
(١) البيان المغرب ، ج ٢ ، ص ٦.
(٢) نفس المصدر ، ص ٨.