السوداء ، وأقاموا قبل ذلك بعشرين سنة (١٤١٥) في سبتة (١). وظهر بالنسبة إلى الشريط السّاحلي المتوسطي والإسلامي لإفريقية (بلاد المغرب ومصر) ، فصل بين فترتين تاريخيتين منذ القرن الرابع عشر ، عند ما أحسّ هذا العالم بتأثيرات التوسع البطيء للغرب كما أحسّ ـ من دون شكّ ـ بعمل القوى الذاتية للانحلال. لكن القرن الخامس عشر كان حاسما ، لأنه نضبت خلاله مصادر الشرق الأقصى للتجارة الإسلامية التي انتهى هكذا دورها فيما بين القارات. ومن هنا فصاعدا سقط إسلام إفريقية المتوسطية على منحدر انحطاط ما فتئ يتفاقم. وشرط أن يكون مرنا فإنّ وضع النهاية الفاصلة في القرن الخامس عشر يجد ما يبرّره بإسهاب. ولكن لعل يمكن أن نبرر هذه النهاية أكثر إذا ما أخرناها بقرن (بداية القرن السّادس عشر). هكذا سوف نفكك الفترة موضوع الدراسة إلى ثلاثة مقاطع رئيسية مع الأخذ بعين الاعتبار ثنائية حتمية التنوع والتوحد.
العصور القديمة إلى حدود ظهور الإسلام : من الإمبراطورية القديمة حتى ٦٢٢ م.
العصر الإسلامي الأول من ٦٢٢ م إلى منتصف القرن الحادي عشر (١٠٥٠).
العصر الإسلامي الثاني من القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر.
من المؤكد هنا أن مفهوم العصور القديمة لا يشبه المفهوم المعتاد بخصوص العصور القديمة للتاريخ الغربي من حيث إنه لا يتطابق إلا جزئيا مع العصور القديمة «الكلاسيكية». فهي لا تنتهي بهجومات البرابرة وإنما باقتحام الفعل الإسلامي. لقد مثّل الإسلام بفضل عمقه وسعة تأثيره قطيعة مع الماضي ، هذا الماضي الذي يمكن نعته بالعتيق أو بما قبل التاريخ أو بما قبل تاريخي حسب المناطق. وفي الحقيقة أيضا إنّ معظم مصادرنا منذ العهد الهلنستي مكتوبة باليونانية واللاتينية.
__________________
(١) Laroui (A) ,٠٧٩١ ,p.٨١٢.