وإذا ما لزم علينا اعتبار القرن السابع الميلادي وقرن ظهور الإسلام والمصادر العربية ، بداية عصر جديد بحكم بنية الوثائق وحركة التاريخ الشاملة ، فإن الاستمرار الإسلامي يتطلب في حدّ ذاته أن يقسّم إلى فترتين. أمّا الأولى فتبدأ من الفتح إلى منتصف القرن الحادي عشر ، وأما الثانية فمن القرن الحادي عشر إلى القرن الخامس عشر. ففي إفريقية شمال الصّحراء يوافق الطّور الأول تنظيم هذه المنطقة حسب النمط الإسلامي وربطها بإمبراطورية متعدّدة القارات (خلافة أموية وعباسية وفاطمية). وأما الطور الثاني فقد شهد مقابل ذلك مبادئ محليّة للتنظيم. وفي نفس الوقت ومن وجهة نظر حضارية ، حدثت تحولات عميقة. فبالنسبة إلى بلاد المغرب ، مثّل منتصف القرن الحادي عشر فترة نشأة الإمبراطورية المرابطية ، واسترجاع بني زيري لحكمهم الذاتي ونتيجته الطبيعية المتمثلة في زحف الهلاليّين. وفي مصر تحدث القطيعة السياسية بعد ذلك بقرن مع الأيوبيين ، على أنّ في هذا العصر ، شهدت المراكز الحيّة للتجارة الكبرى الانتقال من الخليج الفارسي إلى البحر الأحمر ، فقامت بالتدريج شبكة للتبادل على صعيد عالمي كان لها الأثر البالغ.
وفي جنوب الصحراء وخلال القرن الحادي عشر أيضا ، تطوّرت علاقات دائمة مع الإسلام وخاصة على الصعيدين التجاري والديني.
إن المادة الوثائقية في حدّ ذاتها تتغيّر ملامحها ، فإذا كانت كميّا غزيرة ومتنوّعة ، فإنها كيفيّا وكلما انحدرنا في الزمن إلا واعترضتنا في إفريقية المتوسطية مصادر غير واعية (وثائق أرشيف ، فتاوى قضائية) ومعلومات دقيقة فيما يتعلّق بإفريقية السوداء.
المجالات الإثنية ـ الثقافية وأنماط المصادر
لا يكفي تصنيف المصادر حسب الفترات التاريخية لوحدها ، بل يجب الأخذ بعين الاعتبار تمفصل إفريقية إلى مناطق إثنية ـ ثقافية أين تلعب عديد القوى لتميّز بين المناطق بصفة خاصة ، وكذلك بخصوص